-->

مقرر التحكيم : إصداره باسم جلالة الملك : لا اجل الفصل 312 من ق م م : تعلقه بالنظام العام : لا.



ان مقرر التحكيم، يختلف عن الحكم القضائي لكونه يصدر من خبراء يمارسون مهنة حرة، ويستمدون صلاحيتهم من ارادة الاطراف، ولذلك فانه ليس من الواجب، ان يكون مقررهم صادرا باسم جلالة الملك، بدليل إن الفصل 318 من ق م م المحدد للبيانات التي يجب ان يتضمنها مقرر التحكيم، ليس فيه ما يوجب ذلك ، كما ان للتحكيم قواعده المسطرية الخاصة به ولم يحل المشرع على القواعد العادية للمسطرة الا في حالات استثنائية ليس منها مقتضيات الفصل 50.
ان مقتضيات الفصل 312 من ق م م المتعلقة بالاجل الذي يضع فيه المحكمون مقرر تحكيمهم، لا يتعلق بالنظام العام ولذلك فان المحكمة تكون على صواب عندما رفضت الطعن، على اساس ان الفصل نفسه ينص على جواز الاتفاق على ما يخالف مقتضياته. وقد ثبت ذلك من قبول الطرفين لاستمرار المحكمين في مهمتهم بعد فوات الاجل.


المجلس الأعلى  ( الغرفة المدنية)
القرار عدد 1765 - بتاريخ 7/07/1992
---------------------------------------


السيد صالح الساسي
ضد
شركة روجي كانطاريل وشركاؤه

باسم جلالة الملك
بناء على العريضة المرفوعة بتاريخ 13/1/88 من طرف الطالب المذكور حوله، بواسطة نائبه الأستاذ لوزال، والرامية الى نقض قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء الصادر بتاريخ 23/6/87 في الملف عدد 481/87.
بناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 4/1/89 من طرف المطلوب ضده النقض، بواسطة نائبه الأستاذ الاندلسي والرامية الى رفض الطلب.
وبناء على  الاوراق الاخرى المدلى بها في الملف.
وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر1974.
وبناء على الامر بالتخلي والابلاغ الصادر في 7/6/89.
وبناء على الاعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 26/7/89.
وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما، فحضر الأستاذان القدوري عن اذ. لوزال عن طالب النقض، والاندلسي عن المطلوبين في النقض، ورافعا في القضية
وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد امحمد بوهراس، والاستماع الى ملاحظات المحامي العام السيد محمد سهيل.

وبعد المداولة طبقا للقانون
بناء على عريضة النقض.
وبناء على المذكرة التفصيلية المدلى بها، والتي لا يناقش ما ورد فيها الا ما هو موضح باسباب النقض دون زيادة.
حيث يتبين من محتويات الملف ويؤخذ من القرار المطعون فيه، الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في تاريخ 23/6/1987 تحت عدد 376 الملف 481/87 انه بعدما كان الطرفان، قد ابرما في تاريخ 6/10/1977 بروتوكول اتفاق، التزم بمقتضاه المطعون ضدهما ( شركة رومي كنطريل وشركائه وروجي كنطريل شخصيا)، بان يقوم على نفقتهما، بتجهيز تجزئة أراض مملوكة للطاعن ( صالح الساسي) موضوع الرسوم العقارية 2467 و2701 و7231 وتقع بالمكان المدعو "عين العودة" الذي يبعد عن مدينة مكناس بكيلومترين اثنين عن طريق الحاجب، وذلك مقابل نصف ثمن بين القطع المجزاة، ويتضمن الاتفاق، شرط اللجوء الى التحكيم في حالة نشوب خلاف بين الطرفين، وبعدما نشب فيه خلاف بينهما فتم بذلك تعيين ثلاثة حكام، وهم السادة عمر العلمي، والمهدي متقى الله، ويوسف السبتي الذين وضعوا في تاريخ 22 يناير1986 قرار تحكيمهم، وبعدما كان المطعون ضدهما، قد تقدما في تاريخ 81 من نفس الشهر، بطلب اعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، وقدم الطلب في نطاق الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، بعدما اصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء في تاريخ 30/10/1986 قرارا بعدم قبول ذلك الطلب، الذي لاحظت عليه انه لم يقدم في اطاره القانوني الذي هو الفصل 322 من قانون المسطرة المدنية بعد كل ذلك تقدم المطعون ضدهما في تاريخ 20/11/86 بالطلب الحالي، لاعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين في اطاره القانوني، ورفع الطلب الى السيد رئيس ابتدائية الدار البيضاء، الذي اصدر في تاريخ 26/2/1986 امرا وفق الطلب فأيده القرار المطعون فيه.

وحيث يتبين من العرض اعلاه، ان النزاع الذي فصلت فيه المحكمة، وانما يتعلق فقط باعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، ولذلك وطبقا للفصل 321 من قانون المسطرة المدنية، كانت مهمتها منحصرة في التاكد من ان مقررهم غير معيب بعيب البطلان، وبالخصوص المتعلق بالنظام العام دون النظر في الموضوع الذي فصلوا فيه، وان المجلس الاعلى اذ يمارس مراقبته على قضاة المحكمة يكون هو الاخر مقيدا باحكام الفصل 321 المذكور، بحيث لا يجوز ان يثار امامه ضمن وسائل النقض، الا ما هو داخل ضمن الحدود المذكورة.

فيما يخص الوسيلة الاولى، المبنية على القول بخرق قواعد الاختصاص الفصلين 450 و451 من قانون العقود والالتزامات الموضحة بالمذكرة التفصيلية.
حيث يلاحظ الطاعن كونه سبق له، ان اقام دعوى امام ابتدائية مكناس، التي دفع لديها المطعون ضدهما بعدم اختصاصها النوعي لكون الاتفاق، تم على اساس اللجوء الى التحكيم لفض الخلاف، والمكان لكون موطنهما يوجد بالدار البيضاء، ذاكرا ان ابتدائية مكناس وان صرحت في حكمها الذي اصدرته في تلك الدعوى في تاريخ 30 يناير1985 بعدم اختصاصها المكاني، فانها ردت دفع خصمه بالنسبة للاختصاص النوعي بان القضاء العادي هو المختص للبت في تلك الدعوى، التي ترمي الى فسخ الاتفاق، وان حكمها ايدته استئنافية مكناس، وانه اثار لدى المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه  ودفع بقوة الشيء المقضى به، لكنها ردت دفعه هذا بعلة ان العبرة بمنطوق حكم محكمة مكناس وان ما ورد فيه تزيدا فلا قيمة له ويعتبر الطاعن ان هذا التعليل فاسد،
فيه شطط في استعمال المحكمة سلطة المراقبة، على حكم محكمة لا تخضع لها.

لكن من جهة فكما لاحظ القرار المطعون فيه، ان قوة الشيء المقضي به لا تثبت الا لمنطوق الحكم، والتعليلات التي هي ضرورية لتبرير ذلك المنطوق وعليه فما دام ان الحكم المحتج به، اقتصر في منطوقه على التصريح بعدم الاختصاص المكاني، الذي علله بكون موطن المدعى عليهما، يوجد بالبيضاء، وان هذه العلة كافية لتبرير ما صرح به، دون التوقف على التعليل الذي اتى به بشان الاختصاص النوعي، الذي يعتبر زائدا وبالتالي لا تثبت لهذا الاخير، قوة الشيء المقضي به، فكان بذلك ردا لمحكمة لدفع الطاعن بقوة الشيء المقضي به، ردا سليما مأخوذا من نفس الفصل 451 المدعى خرقه وان موضوعي الدعويين مختلفان اذ ان دعوى الطاعن السابقة كانت تستهدف فسخ الاتفاق، في حين ان دعوى المطعون ضدهما المعروضة على المحكمين تتعلق بتنفيذ ذلك الاتفاق.

وفيما يخص الوسيلة الثانية، كما هي مشروحة بالمذكرة التفصيلية، والمبنية على القول بخرق الفصول 308 و309 و312 و345 من قانون المسطرة المدنية، والبند من بروتوكول الاتفاق المبرم بين الطرفين.
حيث يلاحظ ان الطاعن كون الاتفاق المبرم بينه وبين خصمه حدد 15 يوما كاجل لحسم النزاع من طرف المحكمين، كما ان الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية، ينص على ان التحكيم ينتهي بانصرام الاجل المشترط، او ثلاثة اشهر اذا لم يحدد اجل خاص، في حين ان المحكمين عمر العلمي والمهدي متقي الله بلغ اليهما قرار تعينهما في تاريخ 23/12/1983 كما بلغ الى المحكم يوسف السبتي قرار تعيينه في تاريخ 2/3/1985 ورغم ذلك يضعوا مقررهم الا في تاريخ 22 يناير1986 وانه اثار ذلك لدى قضاة الموضوع، ودفع ببطلان حكم المحكمين، بعدم احترام الاجل. لكن المحكمة ردت هذا الدفع بعلة ان الامر لا يتعلق بالنظام العام.

لكن من جهة ان المحكمة لم تنته الى القول بان الاجل الذي يحدده الفصل 312 من قانون المسطرة المدنية، ليس من النظام العام، الا بعدما لاحظت ان نفس الفصل، يجيز للاطراف الاتفاق على ما يخالفه، وان ما يتعلق بالنظام العام، لا يجوز الاتفاق على مخالفته، وان الطرفين قبلا استمرار مهمة المحكمين، فظل المستانف عليهما يثيران امام هيئة التحكيم دفوعهما ويقدمان وثائق لتدعيم موقفهما، وان مهمة المحكمين، تستلزم البت فيها قبولا ورفضا، وانه لم يثر احد من الطرفين انتهاء الاجل مما كانوا معه ملزمين بمواصلة مهمتهم اعمالا بالفصل 313 من قانون المسطرة المدنية الذي يمنع الهيئة المذكورة من التوقف عن مهامها، اذا كانت قد شرعت في عملها ومن جهة اخرى لاحظت المحكمة ان الدفع ينصرف الى الطعن في حكم المحكمين، الذي لا يقبل أي طعن، وان القاضي الذي يبت في طلب اعطاء الصيغة التنفيذية، لا يجوز له ان ينظر في القضية باي وجه من الوجوه، بصريح نص الفصل 321 من قانون المسطرة المدنية، ولا يراقب الا ما يتعلق بالبطلان وبالنظام العام، وهي علل كلها سليمة، اما فيما يخص اجل 15 يوما المشترط في الاتفاق المبرم بين الطرفين، فلم يثر، لدى قضاة الموضوع، ولا امام هيئة التحكيم، وهو ما يختلط فيه الواقع بالقانون فلا تجوز اثارته لاول مرة في مرحلة النقض.

وفيما يخص الوسيلة الثالثة، المبنية على القول بخرق الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 313 من قانون المسطرة المدنية.
حيث ورد فيها ان المطعون ضدهما، كانا قد تقدما ضد الطاعن بشكاية بالزور الجنائي، فتح لهما الملف 30/86، وانه دفع بذلك لدى هيئة التحكيم التي اشارت الى دفعه هذا في مقررها دون ان توقف اشغالها مع ان الفصل 313 من قانون المسطرة المدنية، يوجب ذلك كما ان الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية، يوجب ايقاف البت في الدعوى المدنية الى حين البت في الدعوى الجنائية.

لكن ان كانت المحكمة ملزمة من تلقاء نفسها بمراقبة مقرر هيئة التحكيم، للتاكد من انه غير مشوب بالبطلان، وبمخالفة النظام العام عملا بالفصل 321 من قانون المسطرة المدنية، فانه يشترط لاعمال ما يقتضيه الفصل 10 من قانون المسطرة الجنائية، وحدة الوقائع المتفرعة عنها الدعويان الجنائية والمدنية في حين ان الطاعن لم يعط أي ايضاح عن علاقة الشكاية التي ترتبت عنها الدعوى العمومية، بالنزاع الذي فصل فيه المحكمون، فلم يمكن بذلك المجلس من ممارسة مراقبته على قضاة الموضوع مما تعتبر معه الوسيلة عديمة الجدوى.

وفيما يخص الوسيلة الرابعة :
حيث ورد فيها ان السيد الغرفي رفض التحكيم، وانه عملا بالفصل 312 من قانون المسطرة المدنية ينتهي التحكيم برفض احد المحكمين المهمة المسندة اليه.
لكن فان هيئة التحكيم المكونة من السادة عمر العلمي والمهدي مقتي الله ويوسف السبتي المعنيين كمحام، قد قامت بمهامهما، وان الطاعن لم يبين من هو السيد الغرفي، الذي قال انه رفض التحكيم، فالوسيلة بذلك غير جديرة بالاعتبار.

وفيما يخص الوسيلة بالخامسة :
حيث ورد فيها من جهة ان حكم المحكمين جاء مشوبا ببطلان يتعلق بالنظام العام، لكونه لا يحمل عبارة "باسم جلالة الملك" مما كان على المحكمة التي قدم اليها طلب اعطاء الصيغة التنفيذية، ان تراقبه في هذا الصدد، ومن جهة اخرى ان الامر الابتدائي، لم ينص على اسماء جميع الاطراف وعناوينهم وموطنهم، ولم يشر الى الصفة التي صدر بها هل في جلسة علنية ام سرية، وانه ما دام ان المشرع الذي سمح باستئناف هذا الامر، لا يمكن ان يصدر في اطار المقالات المختلفة.

لكن فان المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه، التي اثير لديها كذلك ما تضمنته هاته الوسيلة، قد اجابت عن ذلك بما ملخصه، ان الامر الابتدائي تضمن التعريف بطرفي النزاع، وأورد أسماءهما وصدر في نطاق السلطة الولائية لرئيس المحكمة، التي تقتضي البت في غيبة الاطراف وان المحكمين مجرد خبراء، يمارسون مهنهم الحرة، وليسوا منصبين لتولي مهام القضاء، حتى يكون لهم ان يحكموا باسم جلالة الملك، وانما استمدوا صلاحيتهم من ارادة الطرفين، اللذين اتفقا مسبقا على اللجوء الى التحكيم بدل القضاء، وانه لا يمكن الاحتجاج بالاحكام العامة للمسطرة، التي تطبقها المحاكم، اذ ان باب التحكيم له قواعده الخاصة، ولم يحل المشرع على المسطرة العادية، الا في حالات خاصة، ليس منها الفصل 50 بل ان الفصل 318، هو الذي يحدد البيانات التي يجب ان يتضمنها حكم المحكمين، وليس منها باسم جلالة الملك، وهي علل سليمة لا تناقشها الوسيلة.

وفيما يخص الوسيلة السادسة، الموضحة بالمذكرة التفصيلية : والمبنية على القول بخرق الفصل 320 من قانون المسطرة المدنية .
حيث يلاحظ الطاعن كون الامر الابتدائي، الذي اعطى الصيغة التنفيذية، صدر عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية، ذاكرا ان الفصل المذكور خول للرئيس وحده الصلاحية.
لكن فان هذه الملاحظة، سبق للطاعن ان اثارها امام محكمة الاستئناف، التي اجابت عنها إجابة صحيحة، لاحظت فيها ان الفصلين 320 و322، لا ينصان على ان الرئيس وحده هو الذي يعطي الصيغة التنفيذية، كما فعلة الفصول 148 و149 و158 من نفس القانون وقارنت بين مقتضيات الفصول المذكورة، واستخلصت من ان طلاق الفصلين 320 و322 كلمة الرئيس، وتقييد الفصول الاخرى الرئيس بكلمة وحده، ان الفصل المدعى خرقه يعني الرئيس ومن ينوب عنه، واكدت على ان السيد حدية محمد الذي صدر عنه الامر الابتدائي، هو رئيس القسم المدني لدى ابتدائية الدار البيضاء وهي علل سليمة مستوحاة من النصوص القانونية، الشيء الذي تبقى معه هذه الوسيلة هي كذلك، عديمة الاساس.

وفيما يخص الوسيلة السابعة :
حيث يلاحظ الطاعن كون محكمة الاستئناف سبق ان اصدرت قرارا تحت عدد 1272 بعدم قبول طلب مماثل، ذاكرا انه لا يمكن اعادة تغيير الطلب مرة ثانية، وان اجل اعطاء الصيغة التنفيذية، هو ثلاثة ايام، وهو اجل مسقط مستدلا بالفصل 320 الذي ينص على ان اصل حكم المحكمين، يودع بكتابة الضبط، خلال الثلاثة ايام من صدوره.

لكن فان ما تضمنته الوسيلة هذه، سبق للطاعن ان اثاره كذلك لدى المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه، التي اجابت عنه بما ملخصه ان ما قضى به سابقا من عدم القبول، انما كان لعلة ان الطلب لم يقدم آنذاك في اطاره القانوني الذي هو الفصل 320، وانما قدم ضمن المقالات المختلفة في اطار الفصل 148، وان ذلك لا يحول دون تقديم الطلب في نطاق المقتضيات الواجبة التطبيق، معتبرة على صواب ان القرار المحتج به لم يفصل في جوهر الطلب، حتى يمكن ان يتمسك به للدفع بقوة الشيء المقضي به، اما فيما يتعلق بمسالة الاجل الوارد في الفصل 320، فبالإضافة الى عدم وجود ما يدل على ان الطاعن اثارها لدى قضاة الموضوع، فانه انما يتعلق بايداع اصل حكام المحكمين، وليس بصدور الامر باعطائه الصيغة التنفيذية، او تقديم الطلب به، فالوسيلة بذلك غير مرتكزة على اساس.

وفيما يخص الوسيلة الثامنة المشروحة بالمذكرة التفصيلية :
حيث يلاحظ الطاعن، كون القرار المطعون فيه، لم يشر الى ايداع مستنتجات النيابة العامة، او تلاوتها بالجلسة، ويعتبر لذلك انه صدر خرقا للفصل التاسع من قانون المسطرة المدنية، اعتبارا منه ان القضية، تتعلق بالاختصاص النوعي.
لكن فان الدفع الذي اثير كذلك لدى محكمة الاستئناف ضد الامر الابتدائي، قد اجابت عنه المحكمة بان اعمال الفصل التاسع، انما يكون في حالة اثارة عدم الاختصاص، امام نفس القاضي، ملاحظة ان النزاع حول هذه المسالة، وانما اثير في الدعوى، التي سبق للطاعن ان رفعها هو امام قضاة مكناس والتي انتهت بعدم الاختصاص المكاني .

وفيما يخص الوسيلة التاسعة :
حيث يلاحظ الطاعن كون المحكمة، تعرضت لطبيعة الاتفاق الذي ابرمه مع خصميه، وصرحت بانه ليس عقد شركة معتبرا لذلك من جهة انها تجاوزت صلاحيتها، وحدود الطلب المعروض عليها، وخالفت مقتضيات الفصل 321 الذي يمنع عليها النظر باي وجه في موضوع القضية، ومن جهة اخرى انها خالفت راي الحكام، الذي صرحوا بان الامر يتعلق بشركة وخرقت وثيقة الاتفاق، الذي اكد انه يتعلق بشركة، ما دامت تنص وتبين اسهامات كل من المتعاقدين اذ ان اسهاماته، وتتمثل في العقارات والمطعون ضدهما، في تمويل اشغال تجزئة تلك العقارات وتقنيتها ودفع مبلغ ثلاثة ملايين درهم له وان الشركة ما هي الا عقد بمقتضاه، يضع شخصان او اكثر اموالهم او عملهم او هما معا، بقصد تقسيم الربح الذي ينشا عنها.

لكن فان المحكمة لما اثار الطاعن لديها ان الاتفاق يتعلق بشركة، وانه يمنع على المحكمون ان ينظروا فيما يتعلق بالشركات، وباعتبار ان قاضي الدفع هو قاضي الاصل،  كانت بحكم ما يفرض عليها الفصل 321 من التاكد مما اذا كان حكم المحكمين غير مشوب بعيب البطلان المتعلق بالنظام العام، وبالخصوص البت في المسائل الممنوعة بموجب الفصل 306 التي منها بطلان وحل الشركات، كانت ملزمة ببيان ما اذا كان الحكام قد بتوا في مسالة ممنوع التحكيم فيها ام لا، فلاحظت عن صواب ان الاتفاق لا يتعلق بشركة لانعدام عناصر هذا العقد، الذي يستلزم نقل مساهمات المتعاقدين الى ذمة الشركة المالية، في حين لاحظت ان عقارات الطاعن، ظلت على ملكه ولم تسجل لفائدة الشركة، كما لاحظت ان الاتفاق نص على ان المطعون ضدهما وكيلان، مفوض لهما من طرف الطاعن للقيام بالاشغال المتفق عليها في عقاراته مضيفة انه لو كان الامر يتعلق بشركة، لما كانت هناك حاجة الى هذا التفويض، اذ ان الشركاء يعتبرون وكلاء بعضهم عن بعض، بحكم نفس العقد، فلم تخرق بذلك الاتفاق، ولم تمس موضوع النزاع، الذي فصل فيه المحكمون، ولم تتجاوز حدود طلبات الطرفين، الشيء الذي تصبح معه هذه الوسيلة كذلك عديمة الاساس.


وفيما يخص الوسيلة العاشرة :
حيث ورد فيها ان جواب المحكمة بان الامر الابتدائي  قد عرف بالاطراف غير صحيح، كما انها حول مسالة استدعاء الاطراف اجابت بان الامر باعطاء الصيغة التنفيذية، يصدر في اطار الاوامر المختلفة، كما ان جوابها حول كون بالصيغة التنفيذية اعطيت على صورة سليمة يجعل القرار غير معلل، كما ان المحكمة وقفت ضد نفسها في رفضها الدفع باختصاص القضاء للبت في النزاع فكان عليها ان تحترم وحدة القضاء، حتى لا تتناقض المحاكم مع نفسها، ذاكرة ان محكمة الاستئناف بمكناس، كما بتت في الاختصاص المحلي، باحالة الملف على محاكم الدار البيضاء، نظرت كذلك في الاختصاص النوعي، باعطاء الاختصاص للقضاء معتبرا ان قرارها مبهم وناقص التعليل وأورد الطاعن في اخر الوسيلة، القول بانه "حول ما ورد في القرار بان الفسخ يترتب عليه تعويض اتفاقي أي 2.000.000 درهم الوارد في اتفاقية 6/10/1977، بينما القرار ايد الامر القاضي باعطاء الصيغة التنفيذية لحكم المحكمين، الذي قضى بحوالي مليار وثلاثمائة مليون سنتيم، وهذا تناقض في القرار ونقصان في التعليل.

لكن فعلاوة على غموض هذه الوسيلة وركاكتها في بعض عباراتها، فان جل ما ورد فيها، ليس الا تكرارا للوسائل السابقة، التي تم الجواب عنها عدا ما يتعلق بما جاء حول الصورة الشمسية والفسخ والتعويض، رغم انه غير واضح فاذا كان يمكن القول بان ما يعنيه بالصورة الشمسية، يتمثل فيما تمسك به لدى المحكمة الاستئناف، من ان المطعون ضدهما، لم يدليا باصل حكم المحكمين وانما بصورة شمسية مطابقة له، فقد اجابت عنه بما فيه الكفاية اذ قالت ما ملخصه، ان اصل حكم المحكمين، يودع داخل اجل ثلاثة ايام من تاريخ صدوره بحكم الفصل 320، وان هذا الاجراء قد تم فعلا، وان المطعون ضدهما قد ادليا بصورة مشهود بمطابقتها للاصل المودع، وكان يكفي الاطلاع على ذلك الاصل بكتابة الضبط المودع لديها، دون ضرورة الادلاء بنسخته او صورته اما مسالة الفسخ والتعويض، فلا يبين من الوسيلة الغامضة ما يعنيه الطاعن بشانهما، فالوسيلة بذلك غير جديرة بالاعتبار.

لهذه الاسباب
يقضي المجلس برفضه الطلب وبتحميل الطالب الصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور اعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الاعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من السيدين الرئيسين :
محمد عمور وعبد العالي العبودي والمستشارين السادة : احمد عاصم - محمد بوهراس - محمد الاجراوي - مولاي جعفر سليمان - محمد بنونة - محمد المالكي - محمد مالكي - محمد الامغاري - وبمحضر المحامي العام السيد : عبد المجيد الحريشي وبمساعدة كاتب الضبط السيد : الحسن الخيلي .
المحامون : الأستاذ الأندلسي .
الأستاذ لوزاك

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 75، ص 56.



Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية