-->

نزاعات انتخابية/ سلطة المحكمة / تطبيق م 3 من ق م م / البطلان لسبب اخر/ سلطة المحكمة في الاستناد اليه.



في النزاعات الانتخابية، وبالنظر لما تملكه المحكمة  من سلطة، في  اعادة  تكييف  سبب  الدعوى.  عملا  بالمادة 3 من ق م م لما لها من سلطة في مراقبة العمليات المؤطرة والمهيأة للاقتراع، في  اطار ولايتها الشاملة، في مادة الانتخابات، فان  لها  ان  تستنتج  من  الوقائع، كل سبب اخر يوجب البطلان.
لما ثبت للمحكمة، من خلال الوقائع، واقوال الشهود، ان عدد الناخبين  المسجلين بالدائرة وصلوا الى 2026  وعدد  المصوتين انحصر في 97، وان السلطة الادارية، لم تحدث بالدائرة الا مكتبا واحدا للتصويت  وذلك يفيد استحالة وجود الفرصة الزمنية الضرورية، ليصوت  جميع الناخبين او جلهم، وانه ترتب عنه فعلا حرمان 64 في المائة منهم من التصويت فان هذا يوجب الحكم ببطلان الاقتراع المطلوب وجميع اثاره.

المحكمة الابتدائية باسفي
الحكم عدد 64 الصادر بتاريخ 26/11/92 - في الملف الإداري عدد 389/92
-------------------------------------------------------------------------------


بوبكر العلوي بن مصطفى
ضد
اضرابن محمد

باسم جلالة الملك
بناء على العريضة الكتابية المودعة من طرف الطاعن، بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 22/10/92، والتي  جاء  فيها  انه كان من ضمن مرشحي الدائرة 31 جماعة اسفي بو الذهب وانه يطعن في الانتخابات الجماعية التي جرت بهذه الدائرة يوم 16/10/92 لسببين اولهما عدم وجود تغطية امنية كافية، مما تسبب في عرقلة عملية الانتخاب التي توقفت لمدة ساعة، مما حرم العديد من الناخبين من  الادلاء  باصواتهم  كما  هو  ثابت  من  محضر العمليات الانتخابية، المرفق بالعريضة وان المرشح الفائز واتباعه، قاموا باحداث فوضى عارمة مستعملين التدليس والترصد للناخبين قبل التصويت والانهيال عليهم بالضرب مما منع 165 مواطن من التصويت، كما تشهد على ذلك البطائق المرفقة بالعريضة وان ذلك ثابت بمقتضى الشهود الواردة اسماؤهم بالعريضة وكذا عناوينهم، وكذا المعتدى عليهن من النساء المذكورة اسماؤهم بنفس العريضة.  اما  ثاني  سبب للطعن ، فقد تمثل في تدخل القائد والمقدم اللذان قاما بضرب المواطنين من اجل منعهم من التصويت وغض الطرف عن الفوضى العارمة، التي قام بها  المرشح الفائز واتباعه كما قام المرشح الفائز بتوزيع الاوراق الوردية امام مكتب التصويت، بحضور المقدم والتمس الطاعن في الاخير  الحكم  بالغاء  نتائج الانتخابات في  الدائرة المذكورة، لكون الاقتراع لم يكن حرا، وشابته مناورات تدليسية والقول باعادته طبقا للفصل 61 92، 12.

وبناء على مقتضيات الظهير الشريف رقم 90/92/1 المؤرخ في 11/6/92 والمتعلق بتنفيذ القانون 12.92 المؤرخ في 4/6/92، وخاصة الفصل 62 منه والذي يحيل على الظهير الشريف رقم 161/59/1 المؤرخ في 1/9/1959 وعلى الفصول 35 وما بعده من هذا الظهير تم تعيين القاضي المقرر بتاريخ 22/10/92 الذي امر بتبليغ نسخة من العريضة الكتابية للاطراف المعنية فاجاب المطعون ضده بمذكرة كتابية مؤرخة في 2/11/92، جاء فيها ان اغلب الشهود المذكورين بالعريضة عملوا لفائدة الطاعن خلال الحملة الانتخابية بمبلغ 350 درهما للاسبوع، مع وعده لهم بالتشغيل، وانه عمل على شراء البسة رياضية وكرة قدم تم توزيعها على العديد من الشباب، كما اشترى عجلتين بثمن 7000 درهم بتاريخ 11/10/92 وذبحهما بهدف اجراء احتفال كبير، الا ان تدخل الشرطة والسلطة المحلية، حال دون اجراء هذه التظاهرة لاخلالها بالقانون الانتخابي واضاف انه يتوفر على 250 بطاقة انتخابية مسلمة له من قبل اصحابها، الذين لم يستطيعوا التصويت لفائدته نتيجة اسماؤهم بالمذكرة والحكم برد دفوعات الطاعن.

وبناء على قرار القاضي المقرر باجراء بحث المؤرخ 29/10/92 تم استدعاء المعنيين بالامر وكذا الشهود، وفي نفس اليوم المحدد تم الاستماع الى الشهود كالتالي:
1)   الشاهد ملياني محمد، صرح بعد ادائه اليمين القانونية انه راى الفائز صحبة المقدم ليلة الخميس على الساعة التاسعة مساء وان هذا الاخير تسلم من المرشح المذكور شيئا لم يتبينه اخرجه من جيبه وان عائلة المرشح الفائز وعددهم حوالي 30 شخصا، كانوا يزدحمون امام باب المكتب ويمنعون الناخبين من الدخول واضاف ان المقدم ظل طيلة اليوم خارج المكتب، كما ان القائد قام بضرب ابنته الملياني مريم وان هذا الاخير لم يحضر الا في الساعة السادسة مساء واكد ان عملية الاقتراع مرت في احسن الظروف وان المزدحمين بالباب يسمحون للبعض بالدخول ويمنعون الباقين.

الشاهد حطابي صالح صرح بعد ادائه اليمين القانونية ان السيد العلوي وعدهم بتشغيل اربعة وعشرين شخصا وان انصار المرشح الفائز هجموا على انصار العلوي وعلى هذا الاخير كذلك، واضاف ان زوجته لم تستطيع التصويت للازدحام الواقع بباب المكتب رغم مكوثها هناك الى الساعة الثامنة مساء كما انه عاين القائد زوال يوم الجمعة بالباب يتكلم مع امراة ودخل معه في نزاع وان انصار المرشح الفائز كانوا يمنعون الناخبين من الدخول الى المكتب.
الشاهد جمودي عبد الرزاق، صرح بعد ادائه اليمين القانونية، ان الازدحام لم يتسبب فيه انصار اضرابن وان المقدم لم يحرضه او يهدده.
الشاهد الغزالي عبد الله صرح بعد ادائه اليمين القانونية انه شارك ضمن الحملة الانتخابية للطاعن،  وان الازدحام امام باب المكتب كان بسبب الرغبة في التصويت وان الاقتراع تم في ظروف جيدة.
الشاهد الورطاكي محمد بعد ادائه اليمين القانونية صرح بانه شاهد المقدم باسم والمرشح الفائز وشخص اخر لا يعرفه قرب المقاطعة وانهم توجهوا الى مكان مظلم ولا علم له بما جرى ذلك وفي يوم الاقتراع كان هناك شخص امام باب المكتب من انصار المرشح الفائز، يقف امام الباب يمنع الناخبين من الدخول وكان الاخرون من انصار نفس المرشح يقفون بعيدا عن الباب.
الشاهد الباردي المصطفى صرح بعد ادائه اليمين القانونية انه بتاريخ 10/10/92 كان هناك ازدحام كبير امام باب المكتب ولا يعلم خلفيات ذلك.
الشاهد فؤاد عبد الجليل، صرح انه لم يذهب الى مكتب التصويت وليس لديه ما يقوله.

وبناء على الفصل 39 وما يليه من قانون 1959 تم تعيين الملف بجلسة 16/11/92  للمناقشة وتم استدعاء جميع الاطراف المعنية لها فحضر نائبو الاطراف وتناول الكلمة ذ. زروق عن الطاعن فاكد عريضة الطعن مضيفا ان موكله قام بالدعاية باسلوب حضاري عكس المرشح الفائز الذي قام باسلوب التدليس والارهاب وان الشهود المستمع اليهم، اكدوا ذلك كما اكدوا التنسيق بينه وبين القائد ومقدم الحي ملتمسا الغاء العملية الانتخابية، وتناول الكلمة نائب المطعون ضده فلاحظ ان حزب الاستقلال هو حزب الماضي والحاضر والمستقبل، وانه لا يعقل امام النشاط المكثف الذي قام به الحزب ان يقم احد مناضليه وامام المسجد وابن الحي بكسر البيوت مضيفا انه لم توجد اية شكاية في الموضوع ملتمسا رفض الطلب، وادلى ذ. ماغي بمذكرة كتابية جاء فيها ان شهود الطاعن لم يؤكدوا ما ادعاه وان هذه الاعمال على فرض صحتها تمت خارج المكتب وان مشروع ظهير12/92 قد جرمها واعتبر انه حتى في حالة الحكم بالعقوبة، فان ذلك لا يؤدي الى الغاء نتائج الاقتراع، ملتمسا تطبيق القانون، واكد السيد ممثل النيابة العامة ملتمسه الكتابي المدلى به في الملف والرامي الى تطبيق القانون.
وبعد استيفاء المرافعات تقرر النطق بالحكم بجلسة 24/11/1992 ومدد لجلسة يومه.

في الشكل:
حيث ان الطاعن وبوصفه مرشحا في الدائرة الانتخابية رقم 31 جماعة اسفي بو الذهب اودع بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 22/10/1992 عريضة كتابية طعن بمقتضاها في الانتخابات الجماعية التي جرت بتاريخ 16/10/1992 معتمدا في طعنه على ستة اسباب وهي:
1)   وجود فوضى عارمة مختلفة توقف معها الاقتراع لمدة ساعة وحرم على اثرها 165 ناخبا من التصويت و2) منع الناخبين بالتهديد من التصويت من طرف الفائز والموالين له و3) الاعتداء على حرمة مساكن النساء و4) قيام القائد والمقدم بممارسة ضغوط على الناخبين لفائدة الانتخاب و5) تكاثر الاجتماعات المشبوهة بين الفائز والمقدم ليلة الانتخاب 6) توزيع اوراق الانتخابات الوردية على الناخبين يوم الاقتراع من طرف الفائز حول المكتب، وبحضور المقدم، ملتمسا الغاء الانتخابات المذكور.

في الموضوع :
فيما  يخص سببي الطعن الاول والثاني
- حيث اعتمد الطاعن في احد اسباب الطعن الستة المذكورة في العريضة، على وجود فوضى عارمة ومختلقة بباب مكتب التصويت يوم الاقتراع، وقد عزا  الطاعن هذا السبب الى اختلاق الازدحام والفوضى من طرف اتباع الفائز، وان بعض الشهود المستمع لهم من طرف القاضي المقرر، اكدوا ذلك كما ان نفس السبب اشير اليه في محضر العمليات الانتخابية.

وحيث انه وبقطع النظر عن هذا التفسير للازدحام، المؤدي الى عرقلة التصويت والمعتمد من طرف الطاعن وبعض الشهود والمتجلي في اختلاق هذا الازدحام من طرف الموالين للفائز، لمنع الاخرين من التصويت، فان المحكمة ولما لها من سلطة في اعادة تكييف السبب المعتمد من طرف الطالب ( الفصل 3 من ق م م) ولما لها من سلطة في مراقبة العمليات المؤطرة والمهيأة للاقتراع في اطار ولايتها الشاملة في مادة الانتخاب ( إقليمية البيضاء 14/6/1960 بمجلة القضاء والقانون 13 ص441 وكذا القضاء الإداري ص 54 مجموعة دالوز الجديد كلمات انتخاب فقرة 688 والمجلس الاعلى 107- 10/1/1960)، ثبت لديها ان الناخبين المسجلين بالدائرة المذكورة، بلغ 2026 ناخبا وان عدد المصوتين هو 97 مصوتا فقط، وان الدائرة المذكورة لم يحدث بشانها الا مكتب للتصويت فريد، وانه من خلال استقراء الارقام المذكورة ثبت للمحكمة استحالة وجود الفرصة الزمنية اللازمة لتصويت مجموع الناخبين او جلهم، ذلك انه لو خصص لكل ناخب دقيقة واحدة لاحتيج الى ثلاثة وثلاثين ساعة زمنية لاعطاء الفرصة لمجموع الناخبين للتصويت في حين ان الساعات الثلاث والثلاثين غير مسموح بها للعملية الانتخابية بالدائرة المذكورة اذ مدة الاقتراع القانونية هي 12 ساعة فقط، وانه بمقارنة الاستنتاج المذكور مع عدد المصوتين ثبت ان نسبة التصويت لم تتعد 36 % من مجموع الناخبين وان المحرومين من التصويت بلغ 64 % وهي نسبة عالية جدا، وانه لا يمكن اعتبار هذه النسبة، تمثل طائفة عدم المشاركين بشهادة الشهود، وما ضمن المحضر من وجود ازدحام حول المكتب طيلة فترة الاقتراع حرم على اثر عدد من الناخبين من التصويت.

وحيث ان خلق الدائرة الانتخابية والتحكم في كثافة الناخبين يرجع الى السلطة المحلية كسلطة مخططة ومبرمجة للتقسيم الإداري للاقليم ليتم استصدار قرار من السيد وزير الداخلية باحداث الدوائر الانتخابية (القرار المؤرخ ب 30/6/1992 والذي اعتمد على المرسوم 468/2.29 المؤرخ ب 30/6/1992  وعلى المادة 27 من قانون 92/12، ومعناه ان السلطة المحلية تتحكم في خلق دائرة انتخابية ذات كثافة عالية واخرى ذات كثافة بسيطة أي انها تتحكم في الوضع المادي للمشكلة وفي اطار هذه السلطة تم خلق الدوائر 1 بعدد المسجلين 659 و5 بعدد المسجلين 617 و9 بعدد المسجلين 567 و14 بعدد المسجلين 809 من نفس الجماعة التي تم فيها خلق الدائرة 31 المطعون فيها ذات عدد المسجلين 2026 وان هذا التقسيم في حد ذاته أفسده انعدام التوازن والمساواة في التمثيل.

 وحيث ان السلطة المحلية وبعد القيام بعمليات التسجيل كذلك تتوفر على الوسائل القانونية الكفيلة بالتحكم في مثل هذا الوضع، وذلك باحداث اكثر من مكتب للتصويت ( المادة 38 من قانون 92/12)، اعتمادا على الكثافة التي خلقتها ( مجموعة دالوز الجديد كلمة انتخاب فقرة 472) وان قرارها هذا بخلقه مكتب وحيد معيب لكونه حرم نسبة عالية من الناخبين من  التصويت بشكل تعدى نسبة المصوتين.

وحيث ان حق الانتخاب معناه خلق الفرص القانونية والادارية والمكانية والزمنية الملائمة للقيام بهذا الحق، وانه اعتمادا على الاسباب المذكورة اعلاه، فان حرمان نسبة 64 % من الناخبين من التصويت، يكون مناورة تدليسية ( المجلس الاعلى 296 - 8/6/1978 م اداري 64326) من شانها التاثير في النتيجة المحصل عليها من طرف المكتب ( المادة 50 فقرة 2 من قانون 92/12)، الشيء الذي يتعين معه، الحكم ببطلان الانتخاب المذكور، وما ترتب عليه من اخطاء واعلان للنتيجة واعادته طبقا للقانون.

لهذه الاسباب
تصرح المحكمة بجلستها العلنية انتهائيا وحضوريا بقبول الطعن شكلا :
وتحكم
1)   ببطلان الانتخابات الجماعية التي جرت بتاريخ 16/10/1992 بخصوص الدائرة الانتخابية رقم 31 جماعة اسفي بو الذهب وما ترتب عليها من احصاء واعلان للنتيجة .
2)   وباعادة الانتخاب المذكور طبقا للقانون.
الرئيس                            النائب                                                   كاتب الضبط
عبد القادر الرافعي                                بنسلطانة مصطفى                                      عبد المجيد النعماني

ملاحظة :
يجدر الذكر ان المجلس الاعلى زكى هذا الحكم والاجتهاد الذي تضمنه

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 74، ص 113.



Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية