-->

تمديد فترة الحضانة المريض البالغ من العمر26 سنة، والذي ثبت طبيا ان عمره العقلي لا يتجاوز7 سنوات

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة الشرعية
القرار رقم 314- بتاريخ 28/2/1990- ملف شرعي عدد 1094/89


لا يعتبر تعديا على الاختصاص الفني المعاينة التي يقوم بها القاضي تتميما للملف الطبي المدرج بالملف.
بالرغم من ان الفقه لم ينص على تمديد فترة الحضانة، فان الابن المريض البالغ من العمر26 سنة، والذي ثبت طبيا ان عمره العقلي لا يتجاوز7 سنوات، يكون من مصلحته البقاء محضونا من طرف امه، طالما كانت على درجة كافية من الاستقامة.
اذا ثبتت الحضانة للام بناء على المبدأ أعلاه، فان لهذه الأخيرة حق المطالبة بنفقة الابن، واجرة حضانتها.
اذا كانت النفقة تخضع في تقديرها لسلطة القضاء، فان المشرع قد جعل لهذه السلطة سببا يحفظها من الطغيان، مدا وجزرا وفق ما جاء في التحفة:

وكل ما يرجع لافتـــراض                              موكل الى  اجتهاد القاضي
بحسب الأقوات والأعيان                            والســعر والزمان والمكان

قضية السيد بنزكري شعبان
ضد
السيدة زهرة بنت مبارك

باسم جلالة الملك
في الشكل:
حيث ان المستانف السيد بنزكري شعبان نصب للدفاع عنه الأستاذ محمد المغاري المحامي بهيئة البيضاء وتقدم هذا الأخير لفائدة منوبه بمقال استينافي مؤدى عنه بتاريخ 20/7/1989 وصل عدد 495528 وذلك حسب خاتم صندوق المحكمة يستأنف بمقتضاه الحكم الابتدائي عدد1236 الصادر عن ابتدائية البيضاء بتاريخ 6/4/1989 موضوع الملف الشرعي عدد148/88 والقاضي عليه بأدائه للمستأنف عليها واجب نفقة ولده منها المسمى رضوان وأجرة حضانته والكل بحساب (350) درهما في الشهر ابتداء من فاتح يناير1987 الى تاريخ الحكم شاملة لجميع التوابع.

وحسب غلاف التبليغ المدلى به رفقة هذا المقال سيتضح ان المستانف بلغ بتاريخ 21/6/1989 وبذلك يكون المقال الاستئنافي مقدما داخل الأجل القانوني وبالتالي فهو مقبول شكلا.

وحيث ان المستانف ضدها اعلاه نصبت للدفاع عنها الأستاذ طيب محمد عمر المحامي بهيئة الدار البيضاء واستأنف هذا الأخير نفس الحكم المذكور أعلاه وذلك لفائدة منوبته وأدى عنه الوجيبة القضائية بتاريخ 29/6/1989 وصل عدد350821 وذلك حسب خاتم صندوق المحكمة، وقد صرحت المستانفة بانها لم تبلغ بالحكم لحد الساعة ولا يوجد بالملف ما يفيد تبليغها وبذلك فهو مقبول شكلا أيضا.

ومن حيث الموضوع:
حيث ان المدعية السيدة زهرة بنت مبارك  بن راضية تقدمت إلى ابتدائية البيضاء بمقال افتتاحي للدعوى، مؤدى عنه بتاريخ 18/1/1988 وذلك في مواجهة المدعى عليه السيد بنزكري شعبان جزائري الجنسية تصرح فيه: أنها كانت متزوجة بالمدعى عليه بمقتضى عقد شرعي وقد أنجبت على فراشه ولدين: هما ربيعة ورضوان.

وان المدعى عليه عمد الى طلاقها ومما تجدر الإشارة إليه، هو ان الولد رضوان مصاب بمرض نفساني ( خلل عقلي) وانه محتاج الى العناية تغذية وصحة أدوية، غيران المدعى عليه ومنذ سنة كاملة توقف عن الاتفاق على ولده المصاب رغم ان المدعى عليه رجل ميسور الحال.
ملتمسة اخيرا الحكم عليه:

1) بادئه للمدعية نفقة الابن المصاب بالخلل العقلي وذلك منذ يناير1987 الى صدور الحكم بحساب (900) درهم في الشهر.
2) وبأدائه لها واجب اجرة الحضانة بحساب مبلغ (500) درهم في الشهر شاملة لجميع المصاريف مع النفاذ المعجل والإكراه البدني في الأقصى والصائر وادلت المدعية بوثيقة الازدياد من القنصلية الجزائرية بالبيضاء وبشهادة طبية مع ترجمتها كما ادلت بموجب ثبوت الزوجية عدد 292.

وحيث اجاب المدعى عليه بان الولد اصبح راشدا ذلك انه من مواليد سنة1962 وان الشهادة المدلى بها سلمت للمدعية مجاملة مضيفا انه استمر ينفق على ولده لغاية1987.

وحيث عرض الولد على المحكمة، فتبين لها ان الولد مصاب بارتعاش وانه ضعيف الجسم، وانتهت المسطرة بصدور الحكم الابتدائي المستانف والذي سبق التنصيص على منطوقه صدر هذا القرار.

مرحلة الاستئناف:
حيث ان المستانف السيد بنزكري شعبان استأنف الحكم المذكور بواسطة محاميه وابرز اوجه استينافه فيما يلي:
يعيب المستانف على الحكم المستانف كونه جاء غير معلل تعليلا كافيا والذي يعتبر خرقا لمتطلبات الفصل50 من ق. م. م .
ويتجلى ذلك في ان السيد قاضي التوثيق اعتبر الولد رضوان فاقدا لقوته وذلك عندما عاينه ولاحظ عليه بعض الارتعاش وقضى بناء على هاته المعاينة، علما بان القاضي غير مختص لإصدار حكم على الحالة الصحية دون اللجوء الى خبرة طبية، كما ان الشهادة الطبية التي أدلت بها المستانف عليها والمؤرخة في 28/9/1988 لا يمكن اعتبارها سوى شهادة مجاملة.

وثانيا خرق مقتضيات الفصل102 من قانون مدونة الاحوال الشخصية والميراث ذلك ان الولد المحكوم له بالنفقة واجرة الحضانة تجاوز26 سنة وعليه فان الحكم باجرة الحضانة لا مبرر له.
هذا بالاضافة الى ان العارض التمس عدم الأخذ بالشهادة الطبية المشار اليها سابقا والقول باجراء خبرة طبية على الولد رضوان. ولو أجريت هذه الخبرة لامكن القاضي ان يقف على حقيقة الامر ملتمسا اخيرا الحكم بالغاء الحكم - الابتدائي وبعد التصدي الحكم من جديد بعدم قبول طلب المستانف عليها لانعدام المصلحة والصفة واحتياطيا الأمر بإجراء خبرة حضورية على الولد رضوان للتأكد من سلامة عقله وجسمه.

وحيث ان المدعية استأنفت بدورها الحكم المذكور، وأدت عنه الوجيبة القضائية29/6/1989، وبما ان الحكم لم يبلغ لها فان استينافها يعتبر داخل الاجل القانوني، وأبرزت اوجه استينافها فيما يلي: تقول المستانفة ان التقديرات التي قضى بها الحكم المستانف لا تكفي الولد أكلا وشربا وعلاجا خاصة وان المدعى عليه باع عقارا بثمن قدره(600.000) درهم، وبذلك فان المبلغ المحكوم به للولد رضوان نفقة وحضانة غير كاف ملتمسة تاييد الحكم الابتدائي فيما قضى به مع تعديله جزئيا وذلك برفع المبلغ المحكوم به ابتدائيا الى حد ملائم لظروف العارضة الاجتماعية وللحالة الصحية لابنها العاجز رضوان مع الصائر.

 وحيث ان المدعية أصلا تقدمت بمذكرة جوابية ضمنتها استينافا فرعيا وأثارت فيها جوابها على مقال المستانف موضحة ان معاينة السيد قاضي الدرجة الاولى ما هي الا تكملة للملف الطبي، والمحكمة حرة في تكوين قناعتها، هذا بالاضافة الى ان العارضة لا تنازع بتاتا في أي اجراء قد تأمر به المحكمة، اما فيما يخص اثارة الفصل120 من قانون مدونة الأحوال الشخصية فان هذا الدفع في غير محله والواجب التطبيق هو مقتضيات الفصل126 من نفس القانون ومضيفة ان ما حكم به غير كاف بناء على المدلى به سابقا.

وحيث أدرجت القضية في جلسة14/2/1990 حضرها الأستاذان المغاري والطيب  عمر وأكد ما سبق، الأمر الذي  حدا بالمحكمة الى إدراج القضية في المداولة بجلسة 28/2/1990.

وبعد المداولة طبقا للقانون:
حيث ان المستانفين قدما استينافهما مستوفيا للمتطلبات الشكلية التي يجب توفرها في مثل هذين المقالين الأمر الذي يجب معه التصريح بقبولهما شكلا.

وحيث يستخلص من محتويات الملف ان الموضوع يتعلق بطلب تقدمت به المدعية والرامي الى الحكم على المدعى عليه بنفقة ولده المصاب بمرض، إضافة الى الحكم باجرة الحضانة للمدعية.
وحيث ان الحكم الابتدائي المنظور استينافه اليوم، قضى للمدعية معلنا عن مبدأ استحقاقها للحضانة وتبعا لذلك قضى بالنفقة للولد واجرة الحضانة رغم ان سنه تجاوز سن البلوغ، مقررا إبقاء الولد تحت حضانة امه طالما يوجد في حالة مرض لا يستطيع  معها القدرة على الكسب.

وحيث ان المستانف اخذ على الحكم المطعون فيه بالاستئناف مبرزا انعدام التعليل الذي يوازي انعدامه ويتجلى ذلك فيما يلي:
اولا: ان قاضي النازلة خلال المرحلة، اعتبر الولد رضوان فاقدا لقوته الجسمانية وبالتالي فهو عاجز عن الكسب وبذلك تبقى النفقة واجبة على أبيه.

كما ان السيد القاضي قضى بنفقة الولد بناء على معاينته للولد ولاحظ عليه  وجود بعض الارتعاش علما بان السيد القاضي غير مختص في هذا الميدان حتى يبني عليها  حكمه.

لكن من الرجوع الى وثائق الملف نجد من بينها ملفا طبيا جاهزا أنجزه الأستاذ بوستة بالمركز الجامعي بمستشفى الدار البيضاء يوضح فيه ان الولد مصاب بنوبات صرعية وهو  مرض مهم تطور منذ سن البلوغ، وضعف تدريجي للدرجة البصرية.
ويشاطره الدكتور ابو خليف بالمركز الصحي الجامعي ابن رشد، فيقول الدكتور ان السيد بنزكري رضوان يتابع فحوصاته الطبية بمصلحة جراحة الدماغ والأعصاب وانه ضعيف جسمانيا وعقليا وبذلك فان قاضي الدرجة الاولى لم يعتمد في حكمه على المدعى عليه بنفقة الولد رضوان على مشاهدته بل ان المشاهدة ما هي الا تكملة للملف الطبي، وعلى هذا الأساس فان هذه الوسيلة تعتبر غير مبنية على اساس سليم وصحيح.

ثانيا: ان المستانف يرى ان الحكم المستانف خرق مقتضيات الفصل102 من قانون مدونة الاحوال الشخصية، حيث ان المشرع بمقتضى هذا الفصل يشير الى ان الحضانة تمتد حتى تدخل الأنثى، ويبلغ الذكر علما بان الولد رضوان تجاوز سن البلوغ بالمفهوم القانوني وبالمفهوم الشرعي، واصبح يعيش وسنه تتجاوز26 سنة وقت تسجيل هذه الدعوى وهكذا يكون الحكم باجرة الحضانة فيه خرق لمتطلبات الفصل 102 من قانون مدونة الاحوال الشخصية مما يجعله متجاوزا لما نص عليه المشرع، الأمر الذي ينبغي معه الغاؤه.

لكن رغم ان الفقه لم ينص على تمديد الحضانة عند الحاجة لما على تمديد النفقة بالنسبة لمن يتابع الدارسة وللمريض، فان المريض يجب ان يبقى عند أمه خاصة وانه اذا ثبت طبيا ان قوة الولد المصاب بنقص او ضعف عقلي يوازي عمر الطفل الذي يعيش وهو في السابعة من عمره، تتجلى هذه الموازاة في كونه غير قادر على المحافظة على نفسه،  وغير قابل  للتعليم، وعلى هذا الإحساس فان مصلحة الطفل تكون في حضانة امه طالما توجد الام على درجة من  الاستقامة، ومادام الولد على حالته المرضية.

وحيث ثبت من الملف الطبي ان الولد رضوان هو في حكم الأطفال الذين لم يبلغوا الثامنة عشر من عمرهم، فانه مما لاشك فيه انه الآن يحتاج الى الحضانة الشرعية بترتيبها الشرعي الذي أساسه الشفقة والرحمة على الصغير ومن حكمه.
وقد تبنى هذا المبدأ بعض الفقهاء، في كتاب مبادئ القضاء في الأحوال الشخصية للمستشار احمد نصر الجندي في الصفحة334 ما يؤيد هذا المبدأ.
واعتبارا لهذا المبدأ فان هذه الوسيلة المحتج بها غير قائمة على اساس قانوني سليم مما يتعين معه ردها.
وحيث اذا ثبت الحضانة لام الولد رضوان بناء على المبدأ المذكور فان لها الحق والولاية للمطالبة لولدها رضوان بالنفقة بعد انقضاء سن الحضانة مادام في يدها.

وقد وقع التنصيص على هذا المبدأ في المرجع المذكور سابقا صفحة415.
وحيث ان الدفع بعرض الولد من جديد على الخبرة الطبية لا فائدة فيه مادام الملف الطبي لم يطعن فيه، وانه هيئ بالمركز الصحي الجامعي من طرف أساتذة مختصين في جراحة الإعشاب والدماغ، وهي أعلى هيئة طبية،الأمر الذي ترى معه المحكمة عدم الاستجابة لهذه  الخبرة.

وحيث انه من جهة أخرى، فان المستانفة فرعيا توضح ان القدر المحكوم به نفقة للولد والمحدد في مبلغ (350) درهما في الشهر شاملة، غير كافية.
حقا انه يتضح من أوراق الملف وعلى الخصوص ما يفيد دخل المستانف الذي يتجاوز ست آلاف درهم في الشهر فان المبلغ المحكوم به ضئيل جدا.
وحيث ان النفقة تخضع في تقديرها لسلطة القضاء غيران هذه السلطة قد جعل لها المشرع سببا يحفظها من طغيان هذه السلطة مدا وجزرا ففي التحفة.

وكل ما يرجع لافتـــراض                     موكل الى اجتهاد القاضي
بحسب الأقوات والأعيان                    والسعر والزمن والمكـــان

وقد جاءت المدونة بهذا المبدأ في فصليها118 و127 حيث حددت الأسس التي على ضوئها يجب ان تحدد مبالغ النفقة.
وحيث انه اعتبارا لما سبق وعملا بالمبادئ السالفة الذكر فان المحكمة لا ترى بدا من التصريح بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى له مع تعديله وذلك برفع النفقة المحكوم بها الى مبلغ سبعمائة700 درهم ثلاثمائة وخمسين درهما شهريا تسديدا للنفقة واجرة الحضانة.

وحيث ونظرا لتبادل الردود بين الطرفين خلال المرحلة الاستئنافية فان هذا القرار يجب ان يوصف بالحضورية وذلك احتراما لمتطلبات الفصل344 من قانون المسطرة المدنية.

لهذه الاسباب
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا وحضوريا وانتهائيا (1).
شكلا:
تصرح بقبول الاستئنافين
وفي الجوهر:
تاييد الحكم  الابتدائي مع تعديله وذلك برفع المبلغ المحكوم به الى ما قدره سبعمائة درهم700 شهريا شاملا لواجب النفقة واجرة الحضانة، والصائر بالنسبة.

بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف دون ان تتغير الهيئة الحاكمة اثناء الجلسات.

*مجلة المحاكم المغربية، عدد 65-64، ص 173.





Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية