-->

تعليق و وجهة نظر حول القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 25/1/2001 (ملف م 2569/99)



ان من بين المهام الرئيسية التي تنهض بها الدول  الديمقراطية  هي  توفير الحماية للحقوق والحريات لرعاياها. ولا يتم ذلك الا عن طريق سلطة  قضائية قائمة يلتجا اليها كافة الاشخاص كلما لحق مساس بحق من حقوقهم او حرياتهم.
غيران هذا القطاع لا يمكن ان يوفر هذه الحماية الا في ظل توفره على مقومات هامة منصوص عليها في اغلب الدساتير الحديثة.
وقد درج الفقه على نعتها بالمبادى العامة والكبرى للتنظيم القضائي ومنها :
- مبدا حق الالتجاء للقضاء .
- مبدا المساواة امام القضاء.
- مبدا استقلال السلطة القضائية.
- مبدا مجانية القضاء والمساعدة القضائية.
- مبدا القضاء الجماعي.
- مبدا التقاضي على درجات وطرق الطعن.

غيران هذه المبادئ والأسس تعرف بين الفينة والأخرى بعض التجاوزات والاستثناءات التي قد تؤثر  سلبا في مدى نزاهة الاحكام وعدالتها واثر ذلك على مراكز المتقاضين.
وقد تكون راجعة ومستمدة من قصور في التركيبة البشرية وظروفها الذاتية والموضوعية، كما قد ترجع لقصور في التشريع.
وفي هذا الاطار سنتولى الحديث عن مبدا التقاضي على درجات وطرق الطعن انطلاقا من القرار الصادر عن محكمة الاستئناف المنشور رفقته.
فبخصوص هذا المبدا ، فانه يعتبر  من  المبادئ  الجديدة  التي  عرفها القضاء المغربي وساير فيها الانظمة القضائية المعاصرة لإتاحة الفرصة للمتقاضين لرفع نزاعاتهم وعرضها بوقائعها أسسها القانونية على درجة ادنى،  ثم على درجات اعلى،  وذلك لتوفير اكبر قدر من الضمانات للمتقاضين لبسط الرقابة على المحكمة الادنى ولتلافي ما يمكن ان يقع فيه قضائها من الخطا او مجافاة للعدل .

وهذا يكون خير حافز لهم لايلاء العناية اللازمة  والاهمية الضرورية لتحري القانون والعدل في الاحكام، خاصة متى علمنا ان الانسان غير معصوم من الخطا.
وبالنسبة لقصور التشريع في تدعيم هذا المبدا نكتفي بذكر ظهير15 يوليوز 1974 المتعلق بتنظيم محاكم الجماعات والمقاطعات في شقه المتعلق بطرق الطعن.
فقد نصت المادة 20 من هذا الظهير على ما يلي :
"لا تقبل احكام حاكم الجماعة او حاكم المقاطعة أي طعن عاديا او استثنائيا، غير انه يمكن ان تحال هذه الاحكام في الاحوال المحددة في الفصل 21 بعده على المحكمة الابتدائية داخل ثلاثة ايام… ".
يتضح من هذا النص بداية ان المشرع اقر مبدا الطعن في الاحكام حكام الجماعات والمقاطعات عن طريق الاحالة، وقد يكون في ذلك ضمان وصيانة لمبدا التقاضي على درجات وطرق الطعن .

لكن بعد احالة النازلة على رئيس المحكمة الابتدائية، فهل سيقع البث من طرفه في اطار الاختصاصات المسندة له بمقتضى قانون المسطرة المدنية؟
بطبيعة الحال الجواب  بالنفي، لكون مقتضيات ظهير 1974 هي مقتضيات خاصة والظهير يحمل قانون الموضوع ومسطرته بداخله(الفصل 15 منه).
وبالتالي فانه لا يستقيم القول بان رئـيس المحكمة الابتدائية يبث في اطار اختصاصاته طبقا للقواعد العامة.   
وتبعا لذلك يبقى التساؤل عن امكانية الطعن في الامر الذي سيصدر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية في هذا الاطار.
انه لا يمكن الطعن في هذا الامر باي طريق من الطرق استنادا للمقتضيات الخاصة لظهير 1974 التي تمنع صراحة ذلك ولكون السيد الرئيس يبث في اطار خاص وليس في اطار النصوص العامة.
ولكن تبقى الاشارة الى ان تقرير هذا المبدا يخالف تماما ما تمت الاشارة اليه بخصوص ضمان واحترام مبدا درجات التقاضي وطرق الطعن، ولا شك ان لذلك اثر سلبي على حقوق المتقاضين، ولا يمكن رفعه واعطاء المبدا مكانته وفعاليته الا بتدخل من المشرع لتعديل مقتضيات ظهير 1974 في هذا الباب خاصة وان بعض حكام الجماعات والمقاطعات يعينون من خارج رجال السلك القضائي.
ويبقى من تم القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ25/1/2001 في الملف 2569/99 منسجما تماما مع ما تم تقريره اعلاه من الناحية القانونية.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الامر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية لا يقبل كذلك أي طريق من طرق الطعن الغير العادية بصريح نص المادة 20 من ظهير 1974 كذلك.

الاستاذ حفيظ الرواكب
محام متمرن بهيئة الدار البيضاء
مجلة المحاكم المغربية عدد 87، ص 154
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات