-->

هل تطبق أحكام ظهير24 مايو على المكتري الحلاق بقطع النظر عما إذا كان تاجرا او غير تاجر


 الأستاذ احمد عاصم المستشار بالمجلس الاعلى

نشرت مجلة المحاكم المغربية في عددها 53 صفحة71 وما  بعدها  تعليقا  على  القرار 136 الصادر عن المجلس بتاريخ 14 يناير1985 بالملف المدني 97254 الذي كان قد سبق نشره في العدد137 من مجلة القضاء والقانون ويدور نزاع القضية التي صدر فيها قرار المجلس بين المكري والمكتري حول ما اذا كان هذا الأخير الذي يمارس حرفة الحلاقة في المحل يعد تاجرا فتنطبق في حقه  أحكام  ظهير 24  مايو  ام  لا  يعد  تاجرا  فتنطبق  في  حقه أحكام ظهير1928 الملغى الذي صدر قرار محكمة الاستئناف في ظله التي اعتبرت الحلاق تاجرا فأبطلت مسطرة الإفراغ التي كان المكري قد حركها ضده وفق أحكام ظهير1982 المذكور. وقد أثار المكري ضمن وسائل الطعن  بالنقض  ان  المحكمة  اعتبرت المكتري الحلاق تاجرا دون ان تبين الأساس القانوني لقضائها.

فنقض المجلس قرار المحكمة بناءا على هذه الوسيلة وقال:
حقا فان ظهير24 مايو إنما يطبق في حق المكتري التاجر وان  التاجر  وفق  ما ينص  عليه  الفصل  الاول من القانون التجاري هو الذي يمارس الأعمال التجارية ويتخذها حرفة معتادة له وان الأعمال التجارية كما جاءت في الفصلين الثاني والثالث من  القانون  التجاري  ليس منها أعمال الصناع الحرفيين الصغار الذين يقومون بأنفسهم بأعمالهم اليدوية دون ان يستعينوا الا بعدد محدود من  العمال ولا يستثمرون رؤوس أموال كبيرة معتمدين على كفاءاتهم وأنشطتهم  الفردية  فأعمال  هؤلاء  التي  يقل  فيها عنصر المضاربة تعتبر من الاعمال المدينة وان  المحكمة اعتبرت الحلاق تاجرا دون ان تبين ما هي العناصر التي استعان بها ليرتقي الى درجة  تاجر . فالمجلس اشترط لتطبيق ظهير24 مايو ان يكون النشاط الذي يمارسه المكتري المحل المكري يعد من الأعمال التجارية بمفهوم القانون التجاري ولهذا فقد  اخذ  على  قضاة  الموضوع إضفاءهم على الحلاق صفة التاجر دون ان يبينوا العناصر التي يتطلبها القانون في الصانع والحرفي بصفة عامة ليصبح تاجرا والمجلس يشير هنا الى المرجع في التعريف بالتاجر الذي ينطبق في حقه ظهير24 مايو هو نظرية الأعمال التجارية المعروفة في القانون التجاري التي يحيل عليها الفصل  الاول  من  الظهير  فيجب  الرجوع إليها لمعرفة متى ينتقل الصانع والحرفي في ميدان الأعمال المدنية الى الأعمال التجارية ومن هنا كان قرار المجلس مثار تساؤل وانتقاد المعلق الذي يظهر ان كثيرين يشاطرونه الرأي فيما ذهب اليه من ان المجلس لم يصادف الصواب حين لم يعتبر الحلاق تاجرا مع ان الفصل الاول من ظهير24 مايو يقول المعلق صريح في انه لا ينطبق فقط على الأعمال التجارية وانما كذلك على الأعمال الصناعية والحرفية سواء أكانت تجارية حسب القانون التجاري ام لا.
فما حقيقة الأمر في المسالة وما رأي ظهير24 مايو وبالذات الفصل الاول منه هل يسمح حقا بان تنطبق أحكامه على كل صانع وكل حرفي حتى ولو كان غير تاجر في نظر القانون التجاري…؟ لنترك الجواب للفصل الاول الذي جاء تحت عنوان ميدان التطبيق والذي يحتكم إليه الرأيان معا.

الفصل الاول من ظهير24 مايو:
تنطبق مقتضيات هذا الظهير على عقود كراء الاملاك التي تستغل فيها أعمال تجارية سواء أكانت هاته الأعمال ترجع الى تاجر او رب صنعة او حرفة.

فالمدار في تحديد مجال تطبيق الظهير حسب هذا الفصل الاول منه هو ان يكون ما يمارسه المكتري في المحل المكري يعد من الأعمال التجارية والمقصود" بالأعمال التجارية" الواردة في الفصل هو ذلك الاصطلاح القانوني الذي يعرفه القانون التجاري في الفصلين الثاني والثالث منه فيكون المشرع قد أحال على هذه المقتضيات بالضرورة ما دام لم يعط تعريفا آخر مخالفا واذا توفر هذا الشرط وثبت امام المحكمة ان النشاط الذي يمارسه المكتري بالمحل يعد من الأعمال التجارية وفق احكام القانون التجاري وجب تطبيق الظهير لا فرق بين عمل وأخر من الأعمال التجاري أي سواء أكانت هذه الاعمال ترجع حسب تعبير النص الى تاجر أي التاجر الذي يمارس الأعمال التجارية بالمعنى التقليدي وهي البيع والشراء او رب صنعة او حرفة فيكون ما ورد في اخر هذه الفقرة الاولى من الفصل ليس بديلا عن الأعمال التجارية بمفهوم القانون التجاري وانما مجرد بيان لأنواع هذه الأعمال كما وردت في الفصلين الثاني والثالث  من القانون التجاري. فالمكتري يكون تاجرا حسب القانون التجاري إذا كان يشتري السلع والغلل بقصد بيعها ويدخل هنا جميع الأشخاص الذين يكتفون ببيع المواد والأشياء الجاهزة دون ان يدخلوا عليها تحويلا كالبقالين وغيرهم وهو ما عبر عنه النص بالتاجر كما يعتبر المكتري تاجرا اذا كان يشتري المواد الأولية بقصد بيعها بعد تحويلها الى أشياء وسلع للاستهلاك.

اما اذا كان يتلقى المواد الأولية من الغير ليقوم بتحويلها الى أشياء مصنعة لفائدتهم فانه لا يعتبر تاجرا إلا اذا كان يمارس نشاطه في اطار مؤسسة.
فالصانع والحرفي ويدخل هنا كل الأشخاص الذين يقومون بتحويل المواد الأولية الى أشياء مصنعة كالتجار والحداد وغيره لا يعتبر تاجرا وبالتالي لا تطبق في حقه أحكام الظهير الا اذا كان تاجرا بمفهوم نظرية الأعمال التجارية ولهذا يكون ما ورد في قرار المجلس من ان الصانع والحرفي لا تطبق في حقه أحكام الظهير الا اذا كان تاجرا بمفهوم القانون التجاري هو اتجاه صحيح يتفق مع مقتضيات الظهير.

على انه لما كان الصانع والحرفي هو الذي يقوم بتحويل المادة الأولية فان الحلاق وغيره من الممرنين والمريضين الذين لا تنصب أنشطتهم على المادة الأولية وانما على الانسان فان هؤلاء لا يعتبرون تجارا الا عن طريق نظرية الشراء بقصد البيع اذا كانوا يقدمون لزبنائهم المواد والأدوات التي يحتاجونها بمقابل.

الأستاذ احمد عاصم
المستشار بالمجلس الاعلى

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 59، 35.


Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : التعليق على الاحكام و القرارات