-->

مخالفات قانون الصرف المنصوص عليها في الفصل 22 من ظهير 30/8/49

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء
قرار رقم 9394 - بتاريخ 4/12/90 - قضية رقم 8766-9512/90


ان مخالفات قانون الصرف المنصوص عليها في الفصل 22 من ظهير 30/8/49 لا يمكن اثباتها طبقا للفصل 3 من نفس الظهير، الا اذا ضبطها او عاينها رجال الشرطة او اعوان الجمارك او الاعوان الاخرون لادارة المالية، وان يقوموا بحجر وثائق ومستندات تذل على ارتكاب تلك المخالفات .

باسم جلالة الملك
بناء على الاستئناف المقدم من طرف النيابة العامة ضد م ع ط والمتهم ك وادارة الجمارك، والمسجل لدى كتابة الضبط بتاريخ 23 و24 و27 و8-90  ضد الحكم الجنحي الصادر في المحكمة الابتدائية لانفا بتاريخ 22/8/1990 ملف  تحت  رقم 6211  وحكم 10/3  والقاضي  على  المتهم : (1) ك أ بثمانية (8) اشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها (5000 درهم) لفائدة الخزينة العامة، وان يؤدي لادارة  الجمارك  مبلغ (1465000)  درهم  وتحديد مدة الاجبار في سنتين حبسا نافذا ومصادرة المبلغ المالي المحجوز. (2) ببراءة الظنين م  ع ط وعدم الاختصاص في  المطالب المدنية. وبالمصاريف  مع  الاجبار  البدني لإدانتهما بجريمة المساهمة والتوسط في عملية بيع عملات اجنبية لاشخاص اخرين غير مكتب الصرف  في حق الظنين الاول، والمساهمة  والتوسط  في عملية بيع عملات اجنبية لاشخاص اخرين غير مكتب الصرف، في حق الظنين الثاني، طبقا للفصل 2 من ظهير 10/9/1939 والفصل من قرار 1/6/1940 والفصل 22 من فقرة 2 من ظهير 30/8/1949، فرفعت القضية الى محكمة الاستئناف للنظر فيها في جلسة 20/11/90 بعد استدعاء المتهم الثاني واستقدام المتهم الاول، والمطالب بالحق المدني على يد النيابة العامة .

طبقا للقانون فحضر الجميع مؤازرا بدفاعه كما حضر ممثل ادارة الجمارك .
وبعد ان سئل المتهمان عن هويتهما واخبرا بالتهمة الموجهة اليهما  وتلا الرئيس  محمد  المريصاني  تقريره  في  القضية  واستنطق المتهمان من طرف الرئيس عن التهمة المنسوبة اليهما .
واوضح محامي المطالب بالحق المدني طلباته وقدم ممثل النيابة العامة ملتمساته وعرض المتهمان دفاعهما.
وكان المتهمان اخر من تكلم .

فاخرت القضية للمداولة الى جلسة 27/11/90 حيث اصدرت المحكمة الحكم التالي :
ان محكمة الاستئناف بالبيضاء وهي متركبة من نفس الهيئة التي ناقشت القضية وحجزتها للمداولة.
بعد سماع التقرير الشفوي، وطلبات المدعي بالحق المدني، وملتمسات النيابة العامة.
وبعد سماع اقوال المتهمين،
وبعد الاطلاع على اوراق الملف وعلى الفصلين 349 و426 من ق م ج.
فشكلا :
حيث ان الاستئناف المقدم من طرف المتهم الاول والنيابة العامة والمطالب بالحق المدني جاء مستوفيا للشروط القانونية مما ينبغي قبوله .

وموضوعا :
حيث يستفاد من محضر الضابطة القضائية عدد 1704 وتاريخ 26/7/1990 انه في اطار تحريات الضابطة القضائية بخصوص تهريب وحيازة عملات اجنبية وتصرفيها بدون رخصة والمتهم الرئيسي فيها ب ع ثم توقيف المسميان م ع ط و ك أ .
وبعد الاستماع الى الظنين  م ع ط الذي يملك محلا لبيع السيارات المستعملة صرح بان علاقته ب ب ع ترجع الى حوالي سنتين ونصف لانه يقوم باصلاح سيارته عندي كما توسط له في شراء سيارتين من نوع BMW 524 ( رونو19). اضاف بانه خلال اوائل شهر ابريل من السنة الجارية التقى ب ع واستفسره عن المسمى أ واخبره برغبة ب ع في لقائه وبعد يومين التقى به ب ع واكد انه التقى بالمسمى أ وطالبه بالبحث له عن العملة الصعبة، وبعد ذلك بايام، وبينما هو يمر امام وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية التي يعمل بها ب ع التقى المسمى أ الذي اخبره انه اتى لزيارة ب ع حاملا له بعض المبالغ المالية من العملة الصعبة فدخلا الى مكتب هذا الاخير فاخرج أ كيسا وتناول منه مبالغ نقدية من المارك الالماني وسلمها لـ ب. ع الذي نادى على مستخدمين بالبنك وكلف احدهما بعد المارك الالماني  وكلف الاخر بما يعادله من الدرهم، واضاف بان المسمى أ خرج ثانية ثم عاد ومعه مبلغ اخر من المارك الالماني وتم عده بنفس الطريقة الاولى تسلم مقابل هذه العملات حوالي 300000 درهم واكد بان هذه العملية تمت بحضوره المستمر الا انه نفي ان يكون قد تسلم أي ثمن لوساطته، وعند الاستماع الى ك أ صرح انه يقوم فعلا بصرف العملات الاجنبية الى العملة الوطنية والعكس وان المبلغ الذي حجز لديه ساعة توقيفه 48000 درهم يحتفظ بها تحسبا لاية عملية صرف محتملة، واضاف بانه يتعاطى كذلك السمسرة في السيارات المستعملة خلال شهر ابريل من السنة الجارية اتصل به المسمى ط م ع في احدى المقاهي التي اعتاد الجلوس فيها واخبره بانه يتوفر على مبالغ مالية من عملة اجنبية وانه الان يريد صرفها الى عملة مغربية وطلب منه ان يرافقه الى مكتب ب ليمثل امام هذا الاخير دور صاحب المبلغ المراد تصريفه بدعوى ان ب قد يتماطل في تسليم مقابل ذلك المبلغ برمته واذا علم انه ملك ط م ع وهكذا حبذ الفكرة خصوصا بعد ان علم انه سيجني من ورائها بعض الارباح واوضح انه تسلم من ط م ع مبلغ 540000 مارك الماني وذهب معا الى مكتب ب بالبنك وسلم الى هذا الاخير المبلغ المذكور فقام بعده بواسطة مستخدمين بالبنك وسلمه مقابله بالدرهم أي حوالي ( 2950000 درهما) وقبل مغادرة المكتب طلب ط م ع من ب ان يسلم لـ ك مبلغ 15000 درهما ثمنا لوساطته. ولدى الاستماع اليهما امام السيد وكيل الملك انكرا ما نسب اليهما، وامام المحكمة تمسكا بالانكار.

وحيث توبع الظنينان بالجرم السالف الذكر، استنادا الى فصول المتابعة المشار اليها اعلاه. وحيث انه بناء على مناقشة القضية امام المحكمة الابتدائية واقتناعها صدر الحكم المستانف الذي قضى بمؤاخذة الظنين ك أ وبعدم مؤاخذة الظنين  ط م ع.

وحيث استانف الحكم المذكور من طرف المتهم ك والنيابة العامة وادارة الجمارك، وحيث اوضح الظنينان في اوجه استئنافهما : فصرح المسمى ك بانه كان جالسا بالمقهى فتم ضبطه من طرف الشرطة بعد ان تعرض للضغط والاكراه وانكر التهمة الموجهة اليه مصرحا بانه يعمل في الخارج وضبط معه مبلغ 248 درهما موضحا بانه لا يعرف ب وانه لم تتم اية مواجهة بين الظنين وب وافاد بانه يعرف هذا الاخير كونه يقوم باصلاح سيارته عند الظنين ك ع ط في حين صرح الظنين ط م ع بانه لا علاقة له بالظنين ك وانه لم يتعامل معه ولم يسلم له أي مبلغ مالي مضيفا بانه ضبط من طرف الشرطة وساقوه للقبض على ك موضحا بانه كان في مكناس وبعد ان سمع بان شرطة الدار البيضاء تبحث عنه فاتصل شخصيا بهم فسئل عن علاقته ب ك فصرح لهم بانه لا يعرفه مضيفا بانه يعرف ك لانه يقوم باصلاح سيارته عنده وانه لم يضبط معه أي مبلغ مالي ولم يقم باية عملية بين ب وك ولم تتم مواجهته بالظنين ب …

وحيث ادلى ممثل ادارة الجمارك بمذكرة اكدها، يلتمس فيها تاييد الحكم الابتدائي فيما يخص الظنين ك والغاؤه بالنسبة للظنين ط م ع مع التصريح بان ع. م و ك. مسؤولان عن الوقائع المنسوبة اليهما والحكم عليهما بالتضامن لفائدة ادارة الجمارك كما يلي :
1) ابداء مبلغ 2950000 درهما ليقوم مقام مصادرة جسم الجنحة طبقا لمقتضيات الفصل 17 من ظهير 30/8/1949.
2) باداء غرامة قدرها ( 14750000 درهم) تساوي خمس مرات قيمة جسم الجنحة طبقا لمقتضيات الفصل 15 من ظهير 30/8/1949، والحكم باداء نفقات الدعوى وتحديد مدة الاكراه البدني .

وحيث ان السيد الوكيل العام للملك التمس الغاء الحكم الابتدائي القاضي بالبراءة والحكم من جديد على الظنين بعقوبة تتلاءم وظروف المتابعة تبعا للملتمس الكتابي النيابي المدرج بالملف. وحيث صرح الاستاذ النائب عن الظنين ك بان المتهم الرئيسي هو ع .م وان متابعة النيابة العامة لم تفسر من المتهم الاصلي والتبعي، وان محضر الضابطة لم يقم بمواجهة كل الاطراف، واشار الى ظهير 1939، وان موكله انكر في المرحلة الابتدائية، والتمس الغاء الحكم الابتدائي والحكم بالبراءة. وفي الدعوى المدنية الحكم بعدم الاختصاص .

وحيث عقب الاستاذ العاقل عن الظنين ك بان المتهم الاول هو ب وان شهادة متهم على متهم تستوجب القرينة واشار الى ان الفصل 291 ولا يجب الاخذ به نظرا لانعدام حالة التلبس، والتمس الغاء الحكم الابتدائي والحكم بالبراءة وعدم الاختصاص في المطالب المدنية وحيث التمس الاستاذ طيب عمر عن الظنين ط.م.ع استبعاد محضر الضابطة القاضية وتقدم بدفع شكلي يتمثل في خرق مقتضيات الفصل 82 ق م ج وان الظنين اعتقل من 21/7/90 الى 26/7/90 يولم يقدم  الى القضاء الا في 27/7/90 وهذا واضح في محضر ايداعه بالسجن، واشار الى الفقرة الثانية من الفصل 82 ق م ج والمتعلق بتقديم الظنين الى السيد وكيل الملك وليس لمدير ادارة الجمارك، واشار الى الفصل 49 من ق م م وان دور القاضي الجنائي هو الحياد. وبناء على انكار موكله العلوي وانتفاء وسائل الاثبات التمس البراءة للظنين ك. والتاييد لموكله ع، فحجزت القضية للمداولة بجلسة 27/11/90 ثم حددت لجلسة 4/21/90 وبها صدر القرار التالي :

حيث ان الظنينين ك.أ و م. ع. ط تراجعا امام المحكمة عن اعترافهما لدى الضابطة القضائية وانكرا الفعل المنسوب اليهما جملة وتفصيلا. وحيث ان ك.أ يذكر في تصريحه لدى الضابطة القضائية انه قام بالعملية بين المسمى ب. و م. ع كوسيط وان المبالغ هي لهذا الاخير، بينما يذكر م. ع العكس وهو انه عن طريق الصدفة التقى ب ك وهو يحمل عملة من المارك الالماني سلمها ب في دفعتين وكان ذلك داخل البنك الذي يعمل به ب، وحيث ان الظنين ك لم تضبط معه اية عملة اجنبية وانما ضبط معه مبلغ 24000.00 درهم اما م ع. ط فلم يضبط معه أي شيء، وحيث انه لتحديد مخالفات نظام الصرف ينبغي الرجوع الى الفصل 22 من ظهير 30/8/49، وحيث ان الفصل المذكور ينص على ان العملية تتم بغرض.

البيع والشراء للعملة ولو شفويا وقبول الخدمات والوساطة ولو مجانا. وحيث يفهم من الفصل المذكور انه لكي تتحقق المخالفة يجب ان تضبط من طرف من لهم الصلاحية يعني اثبات تلك المخالفات والمشار اليهم بالفصل 3 من الظهير المذكور بمعنى ان العمليات المشار اليها بالفصل 20 لا تتحقق الا ضبطها او عاينها رجال الشرطة او اعوان الجمارك او الاعوان الاخرون لادارة المالية او قاموا بحجز وثائق ومستندات تدل على تلك المخالفة وهذا ما يشير اليه الفصل 4 من الظهير المذكور وحيث انه في نازلتنا هذه لم تضبط لا عملات اجنبية لدى الظنينين ولا وثائق تثبت قيامهم بمخالفة نظام الصرف. كما انهما لم يضبطا في حالة تلبس باحدى الافعال المشار اليها بالفصل العشرين المشار اليه اعلاه .

وحيث انه امام ما ذكر وامام عدم اتساق تصريحات الظنينين وتضاربهما حسب المشار اليه وامام العدول عنها جملة وتفصيلا امام المحكمة فان المحكمة بما لها من سلطة لتقدير تلك التصريحات ترى انها غير كافية لاثبات الافعال التي توبع بها الظنينان، وحيث انه اذا كان الامر كما ذكر فانه يتعين الغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من ادانة للظنين ك.أ والحكم تصديا ببراءته من الافعال التي ادين من اجلها وبرفض مطالب ادارة الجمارك في مواجهته وبتاييده في باقي اجزائه الاخرى. كما تامر بارجاع المبلغ المالي المحجوز من الظنين ك.أ اليه وترك الصائر على الخزينة العامة.

لهذه الاسباب
حكمت المحكمة حضوريا ونهائيا .
في الشكل :  بقبول الاستئناف، 
وفي الموضوع : بالغاء الحكم الابتدائي القاضي بادانة الظنين ك.أ والحكم تصديا ببراءته من الافعال المنسوبة اليه وبرفض مطالب ادارة الجمارك في مواجهته، وبرد المبلغ المحجوز منه اليه وبتاييده فيما عدا ذلك وترك الصائر على الخزينة العامة .
هذا ما حكمت به محكمة الاستئناف بالبيضاء في نفس اليوم والشهر والسنة اعلاه في جلستها العلنية المتركبة من السادة :
محمد المريصاني : رئيسا 
محمد اعمرشا : مستشارا 
الحسين اوليح : مستشارا 
وبمحضر السايسي ادريس : الوكيل العام للملك
وبمساعدة السيد شهير عز الدين : كاتب الضبط .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 66، ص 213.


Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية