-->

محل مهني - تفويت كرائه من الورثة الفصل 18 من ظ 25/12/80

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الغرفة المدنية 
قرار رقم 545  بتاريخ 23/2/93 - ملف مدني عدد 635/92



(1) تفويت كراء المحل المهني من الحقوق المالية الداخلة في التركة. ولما كان للمكتري الهالك الحق في هذا  التفويت  فان لورثته ان يستعملوا هذا الحق طبقا للفصل 668 من ق/ ع/ ل.
(2) الشرط الوارد في الفصل 18 من ظ 25/12/80  شرط صحة لا شرط  قبول وهو لا يمنع من هذا التفويت  ما دام ان المشتري يمارس نفس المهنة في المحل .

الشركة العقارية ميركور
ضد
ورثة الاستاذ احمد ابن  القاضي

باسم جلالة الملك
حيث استانفت الشركة المدنية العقارية ميركور بواسطة محاميها الاستاذ محمد لهمادي والاستاذ سنوسي والاستاذ سلام بمقتضى مقال مؤدى عنه بتاريخ 2/12/91 الحكم عدد 1598 الصادر عن ابتدائية البيضاء انفا بتاريخ 28/2/1991 في الملف المدني عدد1257/90 والقاضي برفض طلب المصادقة على الانذار بالافراغ.

في الشكل:
 حيث تم تبليغ الحكم المستانف بتاريخ 5/11/91 واستؤنف في 2/12/91 مما يتعين قبوله لتوفره على جميع شروطه الشكلية.

في الموضوع:
حيث تتلخص الوقائع في ان الشركة المدنية العقارية ميركور تقدمت بمقال مؤدى عنه بتاريخ 14/3/90 تعرض فيه بانها تملك عمارة وقد اكترى منها موروث المدعى عليهم المرحوم الاستاذ احمد ابن القاضي شقة لمزاولة مهنته المحاماة ولم يكن من بين الورثة من يستفيد قانونيا من تجديد عقد الكراء في حالة وفاة المكتري في ممارسة مهنة المحاماة في الشقة، وانه على هذا الاساس وجهت المدعية لورثة المرحوم ذ/ بن القاضي انذارا بالاخلاء على اعتبار ان عقد الكراء الذي  كان يربطها بالمرحوم اصبح مفسوخا بقوة القانون وان المدعى عليهم توصلوا بالانذار غير القضائي بتاريخ 28/11/89 تحت عدد 278/89، لذا التمست المدعية المصادقة على هذا الانذار وبالتالي الحكم بافراغ المدعى عليه تحت غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تاخير، ابتداء من تبليغهم الحكم وتحميل المدعى عليهم الصائر.

وحيث اجاب المدعى عليهم بان المحل موضوع النزاع سبق للمرحوم الاستاذ بن القاضي ان حل محل الاستاذ كونزاليس المحامي سابق البيضاء في الشقة ليباشر مهنة المحاماة الى ان توفي بتاريخ 11/2/1988 وان زوجة المرحوم بعد اذن صريح  من السيد القاضي في شؤون القاصرين بعثت الى المدعية برسالة مضمونة تشعرها بان المحل تتخلى عنه لفائدة الاستاذ طبيح عبد الكبير ليمارس مهنة المحاماة وان المدعية رفضت ذلك وقامت العارضة بتحرير عقد تتخلى بموجبه8  عن المحل لفائدة الاستاذ طبيح فاصدر القاضي الابتدائي الحكم المطعون فيه فاستانفته المدعية مصرحة ضمن اوجه استئنافها ان الاطار القانوني الوحيد للنازلة هو الفقرة الثانية من الفصل 18 منم ظهير 25/12/80 والذي جاء فيه : يستمر مفعول العقد.

بالنسبة  للاماكن المعدة للاستعمال المهني لفائدة الزوج او اصوله او فروعه بشرط ان يستمروا في ممارسة المهنة التي كانت الاماكن المكراة معدة لها، ولهذا فان المشرع وضع نظاما خاصا بانتقال حق كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني بسبب الوفاة ذلك ان المشرع لم يتحدث عن  انتقال حق الكراء للورثة بصفة عامة مهما كانت درجة قربتهم بالمكتري المتوفى بل حكم ذلك على الزوج او الاصول او الفروع، كما انه اشترط صراحة استمرار هؤلاء في ممارسة نفس المهنة في المحل ولم ياذن  بتفويت حق كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني الا من طرف المكتري نفسه وقيد  حياته. اما بعد وفاته فلا ينتقل حق الكراء لاي احد من الورثة سوى زوجه او اصوله او فروعه شريطة ان يكونوا مؤهلين لمواصلة ممارسة نفس المهنة في المحل وبالتالي فان الكراء يصبح مفسوخا بقوة القانون، وبما مقتضيات الفصل 18 خاصة وتقدم على القانون العام الذي هو قانون الالتزامات والعقود وبما ان حق الكراء لم ينتقل اليهم واصبح العقد مفسوخا بقوة القانون فان عقد التفويت الذي أبرموه مع الاستاذ طبيح عبد الكبير باطل وغير ذي  موضوع ولا يمكن ان تواجه به المستانفة، كما ان الحكم المستانف منعدم التعليل لعدم رده  على وسائل المستانفة المبنية على نصوص قانونية ومن تم التصريح بالغاء الحكم المستانف فيما قضى به والحكم من جديد بالمصادقة على الانذار بالاخلاء والمبلغ للسيدة غزل بواقي لطيفة بتاريخ 28/11/89 تحت عدد 278/89 اصالة عن نفسها ونيابة عن محاجرها والحكم بافراغ المستانف عليهم في شخصهم وأمتعتهم وكل من يقوم مقامهم من الشقة الكائنة بالطابق الخامس من العمارة الواقعة 50 زنقة بوانكاري بالدار البيضاء تحت غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تاخير ابتداء من تبليغهم الحكم، وادلى بنسخة حكم مستانف وطي التبليغ.

حيث اجاب المستانف عليهم بمذكرة مفادها ان ما ذهبت اليه المستانفة غير مبني على أي اساس سواء من حيث شرعية تفويت كراء المحلات المهنية او من حيث احقية الورثة بصفة خاصة في تفويت كراء تلك المحلات، فيما يتعلق بشرعية تفويت المحلات المهنية فان الفصل 19 من القانون 6.79 والمتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للاماكن المعدة للسكنى او للاستعمال المهني والمامور تنفيذه بظهير 25 دجنبر1980  والذي جاء للحد من القاعدة المبدئية التي تسمح للمكتري بالقيام بالكراء من تحت اليد او التخلي عن عقد الكراء للغير، هذه القاعدة المبدئية المنصوص عليها في الفصل 668 من ظهير الالتزامات والعقود الذي يعتبر ان الاصل هو حق المكتري في التخلي عن الكراء ما دام هذا النص جاء عاما ليشمل بالسواء عقود الكراء المتعلقة بالسكن وتلك المتعلقة بالاستعمال المهني، وانه اذا كان الفصل 19 لا يمنع حسبما ورد صراحة في نصه، سوى التخلي عن كراء المحلات المعدة للسكنى فانه لا يوجد في غيره من القانون ولا في ظهير الالتزامات والعقود أي نص يمنع التخلي عن كراء المحلات المهنية وهذا  ما انتهى اليه السيد محمد اكرام في كتابه " التحقيق على نصوص قانون اكرية الاماكن المعدة للسكن او للاستعمال المهني" في الفقرة الثانية من الصفحة 146.

كما انه يتجلى من الفصل 19 عندما اتى ليمنع امكانية التخلي عن الكراء حصر هذا المنع فقط في المحلات المعدة للسكنى واستثنى منه المحلات المعدة للمهنة وابقاها مشمولة بمقتضيات الفصل 668 من ظهير الالتزامات والعقود الذي يعطي الحق للمكتري في التخلي عن المحل المكري هو ناتج عن رغبة صريحة للمشرع.

وحول احقية الورثة بصفة خاصة في تفويت كراء المحلات المهنية، فان المستانفة لم تعد تنازع في شرعية تفويت كراء المحلات المهنية، الا انها ذهبت الى القول بان الورثة ليس لهم مباشرة نفس الحق الذي ورثوه طبقا للفصل 217 من مدونة الاحوال الشخصية بدعوى ان الفصل 18 من قانون الاكرية يحصر استمرار عقد الكراء في المحلات المهنية في الزوج واصوله وفروعه وهو ما انتهت المستانفة الى الرضوخ اليه والرامي الى مشروعية تفويت كراء المحلات المهنية وهو ما اكده القضاء في الحكم الصادر بتاريخ 24/4/1990 الملف المدني عدد 4465/88 والذي قضى برفض طلب الافراغ بناء على مشروعية تفويت المحلات المهنية، وان حق تفويت الكراء يعتبر حقا من الحقوق المالية، وان هذه الحقوق تدخل في تركة الهالك وذلك تطبيقا للفصل 217 من مدونة الاحوال الشخصية وانه لا يوجد أي نص قانوني يستثنى الحق في تفويت كراء المحلات المهنية من التركة كما ذهبت المستانفة الى ذلك، وان المستانفة خلطت بين الاستمرار في البقاء في المحل المهني، وهي الوضعية المنظمة بمقتضى الفصل 18 من قانون الاكرية تحت رقم : 2288/92/635. ص : 4. والمتعلق بالزوج او الاصول او الفروع اذا كانوا يمارسون نفس المهنة، وبين الحق العام في التفويت، ذلك الحق الذي كان يملكه الهالك وانتقل الى ورثته وفقا لاحكام الفصل 217 من مدونة الاحوال الشخصية ولهم بالتالي كامل الصلاحية للتصرف فيه مثل جميع التصرفات التي  كان للهالك الحق فيها، وان المستانفة لا يمكنها ان تنازع في كون المرحوم الاستاذ احمد بن القاضي كأن له قيد حياته حقان هما الاستمرار في الاستعمال الشخصي للمحل المكرى له كمحل مهني وحق تفويت كراء ذلك المحل لمحام اخر وان هذين الحقين معا انتقلا  لورثته ونظرا لكون المشرع اكد على تخويل الحق الاول والمتعلق بالاستمرار في استعمال المحل من لدن الزوج  او الاصول او الفروع بشرط ان يمارسوا فيه شخصيا المحاماة ونظرا لانه لا احد من بين هؤلاء كان مؤهلا  لممارسة هذه المهنة، فلأنه  يبقى لهم على الاقل الحق الثاني والذي يكمن في تفويت كراء المحل لاحد الاشخاص الممارسين لتلك  المهنة، الشيء الذي قاموا به بعد اذن السيد قاضي القاصرين وموافقته وبعد تبليغ النيابة العامة بذلك، مما ايدته هذه الاخيرة في ملتمسها المدلى به في المرحلة الابتدائية. وانه بعد اقرار المستانفة بحق و مشروعية تفويت الحق في الكراء المتعلق بالمحلات المهنية فانه  لم يعد هناك مجال لمناقشة امكانية ممارسة نفس الحق من طرف ورثته لا سيما لشخص يمارس ذات المهنة، وانه حتى على اعتبار ان المشرع قد حصر من يكون لهم الحق في استعمال المحل المعد لممارسة مهنة معينة في الزوج  والاصول والفروع فان التفويت لم يقع الا من جانب الزوجة ومحاجرها وذلك حتى لا يحرم هؤلاء الورثة بصفة خاصة من حق ورثوه شرعا طبقا للفصل 217 من مدونة الاحوال الشخصية التي تعد احكامها من النظام العام ومن تم فانه يتعين الاقرار بان الاستئناف لا يرتكز على اسس صحيحة وبالتالي الحكم برده مع تحميل المستانفة كامل الصائر.

وحيث اجابت المستانفة بمذكرة بجلسة 29/9/92  توضح فيها باحقية مكتري محل مهني في التخلي عن الكراء خصوصا اذا قام بذلك قيد حياته ولشخص اخر يمارس نفس المهنة، وكذلك اذا توفي وانتقل  حق الكراء الى زوجه او اصوله او فروعه  على اعتبار انهم واصلوا ممارسة نفس المهنة الشيء الذي يجعلهم بدورهم محقين في التخلي عن الكراء، الا انه في هذه النازلة فان حق الكراء لم ينتقل الى زوج وفروع المرحوم الاستاذ بن القاضي لعدم توفر الشروط المنصوص عليها في الفصل 18 من ظهير 25/12/1980 وهو نص صريح وقد جاء فيه ان الكراء يستمر مفعوله النسبة للاماكن المعدة للاستعمال المهني لفائدة الزوج او اصوله او فروعه بشرط ان يستمروا  في ممارسة المهنة التي كانت الاماكن المكراة معدة لها، والواضح انه اذا لم يستمر الزوج  او الفروع او الاصول في ممارسة نفس المهنة فان  حق الكراء لا ينتقل اليهم ويكون بذلك الكراء قد انفسخ بقوة القانون  مع وفاة المكتري  الاصلي واما احقية الورثة في تفويت الكراء عن القانون فهو تحليل بعيد عن  المنطق والقانون، لان المستانف عليهم يعتبرون انفسهم مستفيدين من انتقال حق الكراء بصفتهم ورثة، والحالة ان الفصل 18  لم يتحدث ابدا عن الورثة ولم يستعمل كلمة " ورثة"، بل خص بحق الاستفادة من انتقال حق الكراء اشخاصا معينين على سبيل الحصر وهو الزوج او الفروع او الاصول وان المشرع لم يقصد ابدا الورثة بمفهوم مقتضيات مدونة الاحوال الشخصية بدليل انه لم يستعمل كلمة "ورثة" وانه نص على الاستفادة من انتقال الكراء ستخص فئة واحدة من ذوي الحق " الاحتماليين عندما استعمل عبارة الزوج او اصوله  او فروعه، على اعتبار انه من شبه المستحيل ان يكون كل هؤلاء  مؤهلين لممارسة نفس مهنة المكتري  المتوفى، لهذا فلا مجال للقول  بان حق كراء محل معد لاستعمال مهني ينتقل الى "الورثة"  ويسقط تلقائيا ضمن عناصر التركة،  مادام انتقاله منظم بنص خاص يقدم بالضرورة على جميع المقتضيات القانونية العامة، ولهذا  فان كان المستانف عليهم ان كان يتوفر فيهم شرطا القرابة بصفتهم زوجا وفروعا،  فانه لا يتوفر فيهم الشرط الثاني وهو قدرتهم على الاستمرار في ممارسة مهنة المحاماة بالمحل، وان مع انتهاء هذا الشرط الاكبر فان الكراء لم ينتقل اليهم واصبح تبعا لذلك مفسوخا بقوة القانون، وان تفويت الكراء المبرم من طرفهم لفائدة  الاستاذ عبد الكبير طبيح كان غير  ذي موضوع لانهم كانوا ولا زالوا لم يكتسبوا صفة مكترين، اذ  من البديهي انه لا يمكن للمرء ان يتصرف في شيء ليس في ملكه، وان أطروحة المستانف عليهم لا ترتكز على أي اساس لانها تنطلق من اعتبار حق الكراء ينتقل الى عموم الورثة والحقيقة خلاف ذلك ومن تم فانه يتعين الحكم وفق  المقال الاستئنافي.

وحيث عقب المستانف بمذكرة في جلسة 15/12/92 يوضحون فيها تمسكهم بكافة العناصر المثارة من طرفهم ضمن المذكرة الجوابية السابقة.
حيث تم تبليغ الملف للنيابة العامة التي ادرجت ملتمسها بتاريخ 21/12/92  تلتمس فيه تاييد الحكم المستانف.
وحيث  تم ادراج الملف جاهزا لجلسة 12/1/93  فادخل للمداولة للنطق بالحكم لجلسة 2/2/93 ومدد لجلسة 23/2/93. ملف رقم : 635/992.

محكمة الاستئناف 
وحيث دفعت المستانفة بان الحكم  القاضي برفض طلب الافراغ غير مبني على اساس ما دام  ان حق الكراء بالنسبة للاماكن المعدة للاستعمال المهني لا ينتقل الا في حالة ممارسة الفروع او الاصول نفس المهنة التي كان يقوم بها المكتري الاصلي في حالة الوفاة طبقا للفصل الثامن عشر من ظهير 25/12/80.

وحيث اجاب المستانف عليهم بان هناك ارادة واضحة للمشروع في عدم منع التخلي عن الكراء بالنسبة للاماكن المعد  للاستعمال المهني في حالة ممارسة نفس المهنة من طرف الشخص الذي اشترى حق الكراء .
وحيث تاكد من وقائع الدعوى كون المستانف عليهم قاموا بتفويت حق كراء المحل المعد للاستعمال المهني كمكتب محاماة اثناء وفاة مورثهم وقد تم انذار المالكة بهذا التفويت.

وحيث ان حق تفويت الكراء من الحقوق المالية وهي تدخل ضمن شركة الهالك، وحيث كان للمكتري الاصلي للمحل قبل وفاته حق بيع كراء المحل الذي يشغله في  مهنته المحاماة ولورثته من بعده ان يستعملوا حقهم العام في البيع بصفتهم ورثة طبقا للفصل 668 من ق.م.ل.

وحيث ان الشرط المشار اليه في الفصل 18 من ظهير 25/12/80 شرط صحة وليس شرط قبول  وبالتالي فان استمرار المشتري في القيام بممارسة نفس المهنة يعطي الحق للورثة في بيع  حق الكراء  لتوفرهم على الصفة بمجرد الوفاة وحيث يتعين اعتبار ذلك القول بصحة الحكم وبالتالي تاييده.

لهذه الاسباب
ان محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا انتهائيا :
شكلا: بقبول الاستئناف
موضوعا: بتاييد الحكم المستانف مع تحميله الصائر.
بهذا صدر القرار في اليوم والشهر والسنة اعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بالدار البيضاء دون ان تتغير الهيئة الحاكمة اثناء الجلسات.

* مجلة المحاكم المغربية عدد 70 ، ص104.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية