-->

اتفاقية 10 غشت1981 بين زوجين مسلمين من جنسية مختلفة

المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء - انفا
حكم  عدد 42 - بتاريخ 20 يناير 1994 - ملف شرعي عدد  958/90


1- تطبيق اتفاقية 10 غشت1981 بين زوجين مسلمين من جنسية مختلفة - لا-
2- استبعاد هذه الاتفاقية عند المساس بالنظام العام - نعم-

(1) ان اتفاقية 10 غشت1981 المغربية الفرنسية التي تركز على جنسية الاطراف لا يمكن تطبيقها على النزاع القائم بين زوجين من جنسية مختلفة يدينان معا بدين الاسلام لاندماج العنصر الديني في الجنسية.
(2) يجب استبعاد تطبيق هذه الاتفاقية اذا كان من شان تطبيقها المساس بالنظام العام المغربي المستمد وجوبا من القوانين الدستورية التي ترتكز على العنصر الديني  باعتبار الطرفين مسلمين.

***
قضية حميد بلعسري
ضد
السيدة رودي اني روني

باسم جلالة الملك 
اصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء - انفا وهي ثبت في قضايا الاحوال الشخصية والميراث  يوم 7 شعبان 1414 موافق 20/1/1994 في جلستها العلنية الحكم الاتي نصه.
بين: حميد بلعسري 6 شارع طارق  بن زياد  بالبيضاء انفا ينوب عنه الاستاذ حميد الاندلسي محاميا  بالبيضاء مدعيا من جهة.
وبين: رودي اني روني 19 شارع مورتند باريس 75004 فرنسا. ينوب عنها الاساتذة علي بن جلون عبد العلي القصار نجية طق طق  من هيئة  البيضاء مدعى عليها من جهة اخرى.

الوقائع
حيث تقدم المدعي حميد بواسطة نائبه الاستاذ الاندلسي بمقال افتتاحي لدى كتابة الضبط بهذه المحكمة بتاريخ 13/11/1990 والمؤدى  عنه حسب الوصل عدد 418552 يعرض فيه انه  كان يتابع دراسته الجامعية بفرنسا فعقد قرانه بالمدعى عليها وردي اني روني  وفق الشريعة الاسلامية وذلك بمقتضى عقد محرر من طرف العدلين المنتصبين للاشهاد بالقنصلية المغربية بمدنية ليل وعند انهاء دراسته رجع الى ارض الوطن رفقة زوجته واولاده الا انها مؤخرا سافرت الى وطنها فرنسا رفقة الابناء ورفضت العودة رغم الوسائل التي بعث اليها ملتمسا الحكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وتحميلها الصائر.

وحيث ادرجت القضية بجلسات هذه المحكمة فتقدم نائب المدعى عليها بمذكرة جوابية مفادها ان النزاع عرض أولا على القضاء الفرنسي، وبشكل حضوري اذ ان قرار قاضي الصلح المدلى به والصادر في 2/8/1990 ينص على حضور المدعي وينص على عش الزوجين كل في مكانه وان القيمة القانونية لهذا القرار تنبع من جهة عن الاتفاقية القضائية المغربية الفرنسية المؤرخة في 12/1/1960 والتي تنظم الاجراءات المسطرية في النزاعات  المدنية والتجارية والتزم القائم المدني غير ديني وان قيمة هذا  القرار واثره تنبع حسب الاتفاقية  الدولية الثانية المؤرخة في 10 غشت1981 المتعلقة بحالة الاشخاص والاسرة بالتعاون القضائي بين  المغرب وفرنسا ومن المبادئ القانونية  ان الاتفاقيات الدولية تقدم على القوانين الداخلية وان المغرب لا يصادق على الاتفاقيات الا اذا كانت مسايرة للنظام وان الاتفاقية بمجرد المصادقة عليها اصبحت من القانون الداخلي المغربي، وهذه الاتفاقية تنص على ان المحكمة المحالة عليها الدعوى الثانية يجب ان ترجئ  البت  وان المسطرة امام القضاء الفرنسي قبل هذه الدعوى بتاريخ 20/7/1990.

وكانت جلسة الصلح بتاريخ 21/8/1990 وا نه لا مجال للقول باسلام المدعى عليها وخضوعها لقانون الاحوال الشخصية المغربي بدليل ان القانون الواجب التطبيق هو ظهير 4 مارس 1960 والاتفاقية المذكورة  ملتمسا بصفة اساسية  احالة المدعى على القضاء الفرنسي بمتابعة الدعوى في اطار المسطرة الاولى والتي يباشرها فعلا باستئنافه لحكم الطلاق وبصفة احتياطية ارجاء البت الى حين بت محكمة الاستئناف بباريس في دعوى التطليق مع ابقاء  الصائر على المدعى مدليا: بصورة من قرار عدم نجاح الصلح بتاريخ 21/8/1990 وبصورة الحكم القاضي بالطلاق بتاريخ 19/4/1991 وصورة التصريح باستئناف السيد بلعسري.

وحيث عقب نائب المدعى بان الزوجين مسلمين  بعد ان اعتنقت المدعى عليها الديانة الاسلامية ومن تم فالقانون الواجب التطبيق هو مدونة الاحوال الشخصية المغربية وهذا يجد سنده بظهير 4 مارس 1960 فرغم انه اجاز اشهار الزواج المختلط امام ضابط الحالة المدنية فانه يشترط مسبقا اشهاره وفق اشكالات مدونة الاحوال الشخصية المغربية هذا وان الاتفاقية المحتج بها تتعلق بالنزاعات ذات الطبيعة التجارية والمدنية التي لا تمس بالنظام العام المغربي وهي مؤرخة في 12 يناير1960 وان الحكم القاضي بالتطليق يمس بالنظام العام المغربي وباختصاص قضاة الموضوع بالمملكة هذا فضلا على امتياز الجنسية الذي يتمتع به الزوج المغربي  ملتمسا الحكم وفق الطلب وصرف النظر عن طلب احالة الملف على محكمة الاستئناف بباريس مدليا: بصورة لعقد تقرر بالزوجية مضمن بالقنصلية المغربية بليل بفرنسا تحت عدد 1299 صحيفة 110 كناش رقم 4 بتاريخ 6/9/1984 صورة لعقد اسلام المدعى عليها ضمن بعدد 795 صحيفة 59 كناش عدد 10/84 بتاريخ 27/12/1984 توثيق الاحباس بالبيضاء.

كما عقب نائب المدعى عليها وادلى بنص قانوني يفيد تطبيق هذا القانون على المسلم الاجنبي وان ظهير 4/3/1960 يتعلق بالشكل فقط وان  الاتفاقية بمجرد المصادقة عليها اصبحت قانونا داخليا وان  المدعي له جنسية فرنسية مؤكدا دفوعاته مدليا: بصورة الاتفاقية 10/8/1981 وبصورة لترجمة شهادة بعقد تسجيل المدعي بالقنصلية العامة لفرنسا بالبيضاء.
وبعد ان اكد الاستاذ الاندلسي  دفوعاته السابقة كانت اخر جلسة بتاريخ 20/12/1993 حضرها نائبا الطرفين فتقر حجز القضية للمداولة لجلسة 13/1/1994 ثم تقرر التمديد لجلسة 20/1/1994.

وبعد المداولة طبقا للقانون:
- التعليل-
في الشكل: حيث روعيت بالطلب المقتضيات الشكلية المتطلبة قانونا مما يستدعي قبوله.
في الموضوع: حيث ان تعليل المحكمة لهذا الحكم سيخرج عن المالوف اكاديميا باعتبار ان الامر يستدعي تعليلا وبيانا لا مجرد الجواب على دفوع او تسبيب حيثيات.
وحتى يسهل المسار ويسبر غور كل اشكال فلا بد من تعريف الزواج المختلط ومناقشة الاتفاقية المتعلقة بحالة الاشخاص والاسرة بالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية الموقعة بالرباط في 10 اغسطس سنة 1981 والمنشورة بالجريدة  الرسمية بتاريخ 7/10/1987.

II- في الزواج المختلط: ان تعريف الزواج المختلط يستنفذ بنا الى حل النازلة هذه علما بان احد الطرفين يؤكد فيه على الجانب الديني  والاخر على الجانب الوطني او عامل الجنسية ولتعريف الزواج المختلط يجدر بالمحكمة حصر الفئات المتواجدة على ارض الوطن والتي تتساير في تطبيق مدونة الاحوال الشخصية المغربية او العبرية او غيرها فهناك خمس فئات :
1) المغاربة المسلمون وتطبق عليهم مدونة الاحوال الشخصية المغربية.
2) المسلمون غير المغاربة ويخضعون بدورهم لمدونة الاحوال الشخصية المغربية.
3) المغاربة العبريون ويخضعون لقانون الاحوال الشخصية العبرية المغربية.
4) المغاربة غير المسلمين وغير العبريين ويخضعون لمدونة الاحوال الشخصية باستثناء تعدد الزوجات  الذي يحرم عليهم والرضاع والطلاق الذي يتعين التصريح به قضائيا وفي حالة النزاع تطبيق قانون الاب و الزوج.
5) والفئة الخامسة وتشمل الاجانب  من غير المسلمين وغير العبريين وهؤلاء يخضعون لمقتضيات الظهير المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والاجانب.

وبعد تصنيف هذه الفئات فيمكن للمحكمة تعريف الزواج المختلط بانه ذلكم الزواج الذي يقع بين شخص ينتمي الى احدى الفئات الاربعة الاولى وشخص ينتمي الى الفئة الخامسة. 
وبعبارة اخرى هو الزواج الذي يقع من جهة بين مغربي مسلم او مسلم غير مغربي او مغربي عبري او مغربي غير مسلم وغير عبري وبين اجنبي غير مسلم وغير عبري. 
من جهة اخرى وهذا الزواج يخضع للظهير 4 مارس1960 وتجزم المحكمة بخلاف ما ذهب اليه كل من نائب المدعي ونائب المدعى عليها بان عامل الجنسية والعنصر الديني معا يتحكمان في وصف الزواج  المختلط .
ومن تم فلا يمكن اعتبار الزواج الذي يتم بين الطرفي زواجا مختلطا وعليه فلا مجال لايقاف البت تطبيقا للاتفاقية المذكورة على اعتبار ان الزوج مسلم  والزوجة مسلمة وان اختلفت جنسيتها.

II- في اتفاقية 10 أغسطس سنة 1981 : حيث ان المحكمة لا تجادل الطرف المدعى عليه في ان الاتفاقيات الموقع عليها من طرف السلطات المعنية تقدم على القانون الداخلي الا ان للمحكمة ملاحظة بشان هذه الاتفاقية .

فهذه الاتفاقية تتعلق بالزواج المنعقد بين مغربي وفرنسية أي تركز على  الجانب الوطني وعامل  الجنسية والحالة ان الطرفين  بنازلتنا مسلمين.

ثانيا: انه في حالة تنازع القوانين بامكان المحاكم استبعاد القانون الواجب التطبيق كهذه الاتفاقية- عينته قاعدة الاسناد - اذا كان من شان هذا التطبيق المساس بالنظام العام والنظام العام المغربي مستند وجوبا من القوانين الدستورية للمملكة والتي ترتكز على العنصر الدنيي " انظر الروابط العائلية للسعدية بلمير".
ومن شان تطبيق هذه الاتفاقية المساس بالعنصر الديني للطرفين باعتبارهما مسلمين، وهذا ما يؤكده عقد اسلام المدعى عليها المرفق.

ثم هذا العصر حددته الاتفاقية نفسها التي يحتج بها الفريق المدعى عليه اذ جاء بالفصل الرابع منها: " لا يمكن العدول عن تطبيق قانون احدى الدولتين المحدد بمقتضى هذه الاتفاقية من طرف محاكم الدولة الا اذا كان منافيا بصورة واضحة للنظام العام".

وجدلا فان الفصل 11 من الاتفاقية التي يحتج بها الفريق المدعى عليه تشترط لايقاف  البت شروطا منها ان يتعلق الامر بنفس الموضوع والحالة ان القضية المعروضة بالقطر الفرنسي تتعلق بالتطبيق، والقضية المعرضة على هذه المحكمة تتعلق بالرجوع لبيت الزوجية.

ومن تم وجب رد دفوعات المدعى عليها والحكم عليها بالرجوع لبيت  الزوجية وحسبنا من بيان اهمية المساكنة الشرعية ما رواه ابو داود الطبال عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( حق الزوج على زوجته الا تمنعه نفسها ولو كانت على ظهر قتب، والا تصوم يوما واحدا الا باذنه الا لفريضة، فان فعلت اتمت ولم يتقبل منها والا تعطي شيئا من بيتها الا باذنه فان فعلت كان له الاجر وعليها الوزر وان لا تخرج من بيته الا باذنه فان فعلت لعنها الله وملائكة الغضب حتى تتوب او ترجع وان كان ظالما)).
وحيث ان النفاذ المعجل له ما يبرر تحقيقا لغاية الشرع.

وتطبيقا للفصول 1/32/37/38/39/50/124/147 من ق.م.م 34 وما يليه من مدونة الاحوال الشخصية ظهير الجنسية - ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والاجانب ظهير4 مارس 1960..

لهذه الاسباب
حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا وبمثابة حضوري.
في الشكل: بقبول الطلب.
في الموضوع: بالزام المدعى عليها روديي اني روني بالرجوع لبيت الزوجية حيث زوجها بلعسري حميد مع النفاذ المعجل وتحملها الصائر.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة اعلاه وكانت المحكمة تتركب من :
السيد عبد العزيز فتحاوي ……………. رئيسا ومقررا.
السيد احمد المالكي ……….…………. عضوا.
السيد سعيد رياض…………………… عضوا.
السيد ايكوت كنزة ………………….... كاتبة الضبط.

* مجلة المحاكم  المغربية عدد 70، ص 136.

Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : اجتهادات قضائية