-->

استرجاع حيازة المحلات المغلقة والمهجورة ومسطرته

استرجاع حيازة المحلات المغلقة والمهجورة ومسطرته

مساهمة في البحث عن المسطرة الواجبة التطبيق في استرجاع حيازة المحلات المغلقة والمهجورة

الأستاذ عبد الجبار الشجعي
محام بهيئة أكادير
مجلة المرافعة العدد 7 ص 83

إن السيد رئيس المحكمة الابتدائية  بالفداء   درب  السلطان  بالدار البيضاء تفضل  وساهم  مساهمة قيمة في  مجلة المرافعة التي تصدرها هيئة المحامين بأكادير،ووضع من خلال مقاله الحامل  للعنوان  أعلاه  وهو  مشكورا  جزيل الشكر، ما أبدعه القضاء المغربي في مجال حيازة المحلات المغلقة  والمهجورة  من  مساطر  وما  ترتب  عن  هذه المساطر من معضلات ومشاكل متعددة، أصبحت لا تخدم مصلحة المتقاضين بل تضر بها في  غالبية الأحيان، وختم السيد الرئيس مقاله بعدما أشار بإسهاب إلى ما يجري  أمام محاكم البيضاء في هذا الصدد، وخاصة أمام المحكمة التي يتشرف برئاستها بنداء إلى الجميع على إيجاد الحلول  الملائمة  والناجعة  للمسألة  حتى  يتمكن  القضاء  من  تنعيم المساطر الجاري بها العمل الآن وبلورة مسطرة أكثر نفعا للمتقاضين.

وعد قراءة مقال السيد الرئيس باهتمام شديد  مع  استحضار  ما  أجريناه  من  قضايا  في  هذا الإطار أمام المحكمة الابتدائية بأكادير عقدنا العزم على الاستجابة إلى هذا النداء بواسطة هذه العجالة المتواضعة.

أجل أن المشرع لم يتطرق لحالة استرجاع المحلات المغلقة والمهجورة ومسطرته، وما كان في متناول القضاء إلا أن يواجه النوازل المعروضة عليه والتي يكثر عددها من يوم  لآخر  باجتهاده  وفطنته  الإبداعية  لسد هذه الثغرة خدمة للقضاء في حد ذاته وللمتقاضين في حدود مصالحهم وفي نطاق إرساء السلم الاجتماعي والاقتصادي.

وقبل أن نتطرق للحلول التي أعددناها في هذا الشأن لا نخفي  اندهاشنا  من  كون  محاكم الدار البيضاء تتطرق لهذه المسطرة في البداية في إطار الفصل 148 من ق.م.م، ذلك أن هذا الفصل الذي  يكرس  السلطة الولائية للسيد رئيس المحكمة الابتدائية، ولو أنه يتضمن بأن رؤساء المحاكم الابتدائية يختصون  وحدهم بالبت في أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف، فإننا نعتبر بأن هذا النص لا يطبق إلا إذا اجتمع هذان الشرطان، الأول الاستعجال في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص، الثاني عدم الإضرار بحقوق  الأطراف.

إننا نعتبر بأن هذين الشرطين قليلا ما يجتمعان في النوازل الموضوعة  في إطار المجال  الذي نحن بصدده، ذلك أن الاستعجال لا يتوفر فيها وغالبا ما يفكر صاحب المحل، الطرف المكري،  في  اللجوء إلى  القضاء لاسترجاع محلة سواء تعلق بالسكنى أو بالاستغلال التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو ممارسة مهنة حرة أو غيرها.

إلا بعد أن يشعر مع فوات الوقت بأن المكتري أصبح يتماطل في أداء واجب الكراء، وأن إقفال العين المكتراة تكون على وشك أن تصبح محلا لأضرار ثابتة.

وقد تمضي شهور على هذه الوضعية قبل أن يتم هذا الشعور ويتوجه الطرف المكري نحو القضاء.
فيما أن الاستعجال في معناه الصحيح يتجلى في ما يمكن اندثاره بكيفية فورية، أو ما يمكن أن يحدث عنه خطر محقق يحدق بمصالح الشيء، وهذا ما يتم في وقت وجيز ولا يتطلب انتظارا طويلا.

أما عدم الإضرار بحقوق الأطراف، فإنه هون الآخر لا يتوفر في النوازل المبسوطة في هذا الإطار، إذ أن السيد رئيس المحكمة الابتدائية الفداء درب السلطان نفسه كرس مواد مقاله للأضرار التي تلحق الطرفين معا المكري والمكتري من المساطر المعمول بها قضاء.

إن اعتقادنا ينصرف إلى أن هذا النص أصبح يطبق بكيفية غير صحيحة حتى أنه أصبح عدد كبير من رؤساء المحاكم الابتدائية يقبلون طلبات رامية إلى إجراء خبرات حضورية في إطاره، مع أن رئيس المحكمة عندما يبت في نطاق هذا الفصل يبت وحده في غياب الأطراف وكذا كتابة الضبط.

فكيف يا ترى يعقل أن يصدر أمر بإجراء خبرة في مادة ما ويأمر الخبير أو الخبراء المعينين باستدعاء الأطراف وبالقيام بخبرة تواجهية، علما بأن سر الحضورية في مادة الخبرة يكمن في كون الخبير يواصل عمل المحكمة التي لا تبث إلا حضوريا في أغلبية النوازل.

وإذا كان السيد رئيس المحكمة الابتدائية يبث وحده، فإنه من المتناقض أن يأمر بخبرة حضورية أو يأمر ببحث عن طريق السلطة المحلية أو الضابطة القضائية، لذا فإننا نستبعد إجراء مثل هذه المساطر في إطار هذا الفصل، ونعتبر بأن الأرجح هو رفع الدعوى في إطار الفصل 149 من ق.م.م، الذي نعتبره الإطار القضائي الذي يناسب أن تروج فيه مسطرة استرجاع حيازة المحلات المغلقة والمهجورة الذي غالبا ما تروج القضايا المرفوعة في إطاره بكيفية حضورية.

أما بخصوص المسطرة في حد ذاتها، فإن المكري عندما يثبت له بأن محله أصبح معرضا للضياع ولا يستعمل للغاية التي أعد لها، فإن المرمى الأساسي الذي يجب أن يقصده وأن يحققه هو فسخ عقد الكراء الذي يربطه بالمكتري، ولهذه الغاية عليه أن يبعث برسالة انذارية إليه إذا كان على علم عنوان سكناه، وإلا فإن المسطرة المدنية تمكنه من خلال الفصول 39 و 54 و 441 على أن يلتمس من السيد رئيس المحكمة وه يبث في إطار الفصل 148 من نفس القانون تعيين قيم تبلغ إليه الرسالة الإنذارية على أن يقوم بنشرها بجميع الطرق القانونية الممكنة، وتتضمن هذه الرسالة جميع  الطلبات التي يرد المكري تحقيقها، ومنها على الخصوص أداء واجب الكراء الحال والغير المدفوع في أجل معين، تحت طائلة إفراغ العين المكتراة حسب استعمالها وحسب النصوص القانونية المنوطة هذا الاستعمال.

وفي حالة عدم الاستجابة لهذا الإنذار في الآجال المحددة ضمنه يبقى على الطرف المكري أن يباشر من جهة دعوى أداء واجب الكراء، ومن جهة أخرى دعوى فسخ العقد وإفراغ المكتري حسب طبيعة استعمال المحل كما هو مشار إليه أعلاه.

هذا فيما  يرجع للدعوى الأساسية التي يجب على المكري أن يقوم بها والتي لا يمكن أن يضمنها فتح المحل بكيفية مؤقتة إلى أن تبث المحكمة في الموضوع، وإلا تمادى الضرر ولم ينل مبتغاه.

لذلك عليه من جهة أخرى أن يتوجه إلى السيد رئيس المحكمة بمقال يرمي إلى استرجاع حيازة العين المكتراة المغلقة أو المهجورة بكيفية استعجالية معززا دعواه بنسخة من الرسالة الاندارية  المبلغة  للقيم والأمر بتعيين  قيم لتبليغ هذه الرسالة إليه أو إلى المكتري بواسطته، والصحيفة التي نشرت  فيها  ومحضر  بإثبات  حال  بأمر  من  السيد رئيس المحكمة الابتدائية، ونسخة من المقال في الموضوع.

وإذا ظهر فيما بعد الطرف المكتري بعد الموعد  المضروب له في الرسالة الاندارية ورفع الدعوى في الموضوع الرامية إلى فسخ عقد الكراء والإفراغ فسوف يكون من المستعصى عليه أن يطالب ويحصل على أمر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه.

وهكذا تغلق جميع الأبواب في وجهه ويجازى على تهاونه وتفريطه في  حقوقه  وعدم  الوفاء  بالتزاماته  التعاقدية.
إننا نعتقد بأن في هذه المسطرة المقترحة  على القضاء ومساعديه زملائنا والمتقاضين بصفة عامة، هي مسطرة أنجع مما يمارس الآن من مساطر تتفرع عنها دعاوى لا نهاية لها، تركت في أنفسنا صدى عضناها بأكادير، منها وفاة مكر قام بنفس المسطرة التي وضعها السيد رئيس المحكمة بتفصيل في مقاله البليغ، وأصيب بنوبة قلبية عندما بلغه خبر إصدار أمر السيد رئيس المحكمة الابتدائية بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعدما استفاد  من استرجاع محله وأكراه للغير ثم أكراه المكتري الثاني للغير ثم أكراه المكتري الثالث للغير أيضا.

الفكرة بعيدة منا بأننا أبدعنا أحسن طريقة لمعالجة هذه المعضلة، وإننا نأمل أن نكون قد ساهمنا في مناقشة تفضل السيد رئيس المحكمة الابتدائية الفداء درب السلطان بفتح أبوابها أمامنا محركا في أنفسنا الحماس الكافي للمشاركة في حل بعض مشاكل قضاء بلادنا وما يمكن أن يترتب عنه في الملموس  من نتائج وخيمة للمتقاضين.
ندعو الله أن لا نكون قد اغتررنا بأنفسنا وسقطنا دون عمد في تركيب قانوني غير لائق، مما نلتمس معه من كل قارئ العفو ومن أجله.
Sbek net
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع القانون والقضاء المغربي .

جديد قسم : قضايا الكراء